وقوله " لا يزال " من أخوات (كان) ترفع الاسم وتنصب الخبر وإنما عمل في الاسم والخبر، لأنه إنما يتعلق في معنى الجملة، فيدل على أنه يدوم إذ المعنى فيه أن يكون الشئ على الصفة أبدا. قال أبو علي: البنيان مصدر واقع على المبني وتقديره لا يزال بناء المبني الذي بنوه ريبة أي شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار اسلامهم وثباتا على النفاق إلى أن تقطع قلوبهم بالموت والبلى لا يخلص لهم إيمان ولا ينزعون عن النفاق إلى أن تقطع قلوبهم بالموت والبلى. ومن قرأ " إلى أن تقطع " فإنه يريد حتى تبلى وتقطع بالبلى أي لا تثلج قلوبهم بالايمان ابدا ولا ينزعون عن الخطيئة في بناء المسجد ولا يتوبون. ومن ضم الياء أضاف الفعل إلى المقطع المبلي للقلوب بالموت، ومن فتحها اسند الفعل إلى القلوب لما كانت هي البالية، كما قالوا: مات زيد ومرض عمرو، ووقع الحائط. وفي قراءة أبي (حتى الممات).
ومعنى قوله " الذي بنوا " مع قوله " بنيانهم " إنما هو ليعلم ان البناء ماض دون المستقبل إذ قد تجوز الإضافة على جهة الاستقبال كقولك للغير: أقبل على عملك. وقيل في معنى الريبة في الآية ثلاثة أقوال: أحدها - ان هذا البنيان الذي بنوه لا يزال شكا في قلوبهم. وقيل معناه حزازة في قلوبهم، وقيل حسرة في قلوبهم يترددون فيها. وقوله " الا ان تقطع قلوبهم " موضع " ان تقطع " نصب والتقدير الا على تقطع قلوبهم غير أن حرف الإضافة يحذف مع (ان) ولا يحذف مع المصدر. ومعنى (إلا) هاهنا (حتى) لأنه استثناء من الزمان المستقبل، والاستثناء منه منته إليه فاجتمعت مع (حتى) في هذا الموضع على هذا المعنى. قال الزجاج: يحتمل أن يكون المراد الا ان يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تفريطهم. وقوله " والله عليم حكيم " اي عالم بنيتهم في بناء مسجد الضرار " حكيم " في امره بنقضه والمنع من الصلاة فيه.