الحتي سويق المقل. وقوله " ولا ينفقونها في سبيل الله " إنما لم يقل ولا ينفقونهما لاحد أمرين: أحدهما - أن تكون الكناية عائدة إلى مدلول عليه وتقديره ولا ينفقون الكنوز أو الأموال. والاخر - أن يكون اكتفى بأحدهما عن الاخر للايجاز ومثله " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها " (1) وقال حسان:
إن شرخ الشباب والشعر الأسود * ما لم يعاص كان جنونا (2) وقال الآخر:
نحن ما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف (3) وكان يجب ان يقول راضيان. ومعنى البيت نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض وحذف الخبر من الأول لدلالة الثاني عليه كما حذف المفعول في الثاني لدلالة الأول عليه في قوله " والذاكرين الله كثيرا والذاكرات " (4) والتقدير والذاكرات الله. ومثل ذلك الآية. وتقديرها والذين يكنزون الذهب ولا ينفقونه في سبيل الله ويكنزون الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. وموضع " والذين يكنزون " يحتمل وجهين من الاعراب: أحدهما - أن يكون نصبا بالعطف على اسم (إن) وتقديره: يأكلون والذين يكنزون الذهب: والثاني - أن يكون رفعا على الاستئناف.
وقال ابن عمر كل ما أخرجت زكاته فليس بكنز، وبه قال عكرمة. وقال الجبائي وغيره: " الذين يكنزون " نزلت في مانعي الزكاة من أهل الصلاة. وقال قوم: نزلت في المشركين، والأولى أن تحمل الآية على العموم في الفريقين.
وقوله " فبشرهم بعذاب اليم " قيل في معناه قولان:
أحدهما - ان أصل البشرى مما يظهر في بشرة الوجه من فرح أو غم، إلا