الأهلة مع نزول الشمس في اثني عشر برجا تجري على حساب متفق، كما قال:
" الشمس والقمر بحسبان " (1) والشهر مأخوذ من شهرة أمره لحاجة الناس إليه في معاملاتهم ومحل ديونهم وحجهم وصومهم، وغير ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشريعة.
وقوله " في كتاب الله " معناه فيما كتبه الله في اللوح المحفوظ وفي الكتب المنزلة على أنبيائه.
وقوله " يوم خلق السماوات والأرض " متصل ب " عند الله " والعامل فيها الاستقرار. ثم بين أمر هذه الاثني عشر شهرا " منها أربعة حرم " وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب: ثلاثة سرد وواحد فرد كما يعتقده العرب.
ومعنى " حرم " انه يعظم انتهاك المحارم فيها أكثر مما يعظم في غيرها، وكانت العرب تعظمها حتى أن الرجل لو لقي قاتل أبيه لم يهجه لحرمته. وإنما جعل الله تعالى بعض الشهور أعظم حرمة من بعض لما علم في ذلك من المصلحة في الكف عن الظلم فيها، فعظم منزلتها، وانه ربما أدى ذلك إلى ترك الظلم أصلا لانطفاء النائرة تلك المدة وانكسار الحمية، فان الأشياء تجر إلى اشكالها.
وقوله " ذلك الدين القيم " معناه التدين بذلك هو الدين المستقيم.
وقوله " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " نهي منه تعالى لخلقه عن أن يظلموا أنفسهم لان من فعل قبيحا يستحق عليه العقاب، فقد ظلم نفسه بذلك بادخال الضرر عليها وقال أبو مسلم: معناه لا تدعوا قتال عدوكم في هذه الأشهر بأجمعكم، ولا تمتنعوا من أحد الا من دخل تحت الجزية والصغار، وكان من أهلها بدلالة قوله " وقاتلوا المشركين كافة " وكافة مشتقة من كفة الشئ وهي طرفه وإنما أخذ من أن الشئ إذا انتهى إلى ذلك كف عن الزيادة، ولا يثنى كافة ولا يجمع.
وقوله " وقاتلوا المشركين كافة " امر منه تعالى بقتال المشركين أجمع: امر