التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٠
الجنس أو في القبح على الخلاف فيه، فشرط الندم بالعزم، لان الندم إنما هو على الماضي والعزم على ما يستقبل، فلو لم يجتمعا لم تكن توبة. ومعنى " ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء " انه يقبل التوبة من بعد هزيمة من انهزم. ويجوز أن يكون المراد بعد كفر من كفر يقبل توبة من يتوب ويرجع إلى طاعة الله والاسلام ويندم على ما فعل من القبيح " على من يشاء " وإنما علقه بالمشيئة، لان قبول التوبة واسقاط العقاب عندها تفضل - عندنا - ولو كان ذلك واجبا لما جاز تعلق ذلك بالمشيئة كما لم يعلق الثواب على الطاعة والعوض على الألم في موضع بالمشيئة. ومن خالف في ذلك قال: إنما علقها بالمشيئة، لان منهم من له لطف يؤمن عنده فالله تعالى يشاء أن يلطف له مع صرف العمل في ترك التوبة إلى الله.
وقوله " والله غفور رحيم " معناه انه ستار للذنوب لا يفضح أحدا على معاصيه بل يسترها عليه إذا تاب منها، وهو رحيم بعباده.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس لا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم علية فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم (29) آية.
هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين يخبرهم فيه أن المشركين أنجاس ويأمرهم ان يمنعوا المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا أي الذي أشار إليه، وهي سنة تسع من الهجرة التي نبذ فيها براءة المشركين. وكانت بعده حجة الوداع - وهو قول قتادة وغيره من المفسرين - والمراد بالمسجد الحرام الحرم كله - في قول عطاء وغيره - وكل شئ مستقذر في اللغة يسمى نجسا، فإذا استعمل مفرد قيل: نجس - بفتح النون والجيم معا - ويقع على الذكر والأنثى سواء. وظاهر
(٢٠٠)
مفاتيح البحث: مسجد الحرام (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست