التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٦
كالمقاتل لغيره في عداوة الله.
وقوله " انى يؤفكون " معناه كيف يصرفون عن الحق إلى الافك الذي هو الكذب، ورجل مأفوك عن الخير وارض مأفوكة صرف عنها المطر قال الشاعر:
أنى ألم بك الخيال تطيف قوله تعالى:
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون (32) آية.
اخبر الله تعالى عن هؤلاء اليهود والنصارى الذين حكى حكايتهم انهم اتخذوا أحبارهم، وهو جمع حبر، وهو العالم الذي صناعته تحبير المعاني بحسن البيان وقيل حبر وحبر - بفتح الباء وكسرها - حكاه الفراء. والرهبان جمع راهب وهو الخاشي الذي يظهر عليه للناس الخشية. وقد كثر استعماله في متنسكي النصارى وروي عنه صلى الله عليه وآله أن معنى اتخاذهم أربابا أنهم قبلوا منهم التحريم والتحليل بخلاف ما أمر الله تعالى، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، فسمى الله ذلك اتخاذهم إياهم أربابا من حيث كان التحريم والتحليل لا يسوغ إلا الله تعالى. وهو قول أكثر المفسرين.
وقوله " والمسيح ابن مريم " عطف على الأرباب أي واتخذوا عيسى ربا.
وقوله " وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا " معناه ان الله تعالى لم يأمر هؤلاء اليهود والنصارى وغيرهم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له. ثم أخبر فقال " لا إله إلا هو سبحانه " يعني تنزيها عما يشركون. ومعنى سبحانه براءة الله من السوء كما قال الشاعر:
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست