التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٢
ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (30) آية.
قوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر " امر من الله تعالى لنبيه وللمؤمنين بأن يقاتلوا الذين لا يعترفون بتوحيد الله، ولا يقرون باليوم الاخر والبعث والنشور. وذلك يدل على صحة مذهبنا في اليهود والنصارى وأمثالهم انه لا يجوز أن يكونوا عارفين بالله وإن أقروا بذلك بلسانهم. وإنما يجور أن يكونوا معتقدين لذلك اعتقادا ليس بعلم. والآية صريحة بأن هؤلاء الذين هم أهل الكتاب الذين تؤخذ منهم الجزية لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر وانه يجب قتالهم " حتى يعطوا الجزية عن يد ". ومن قال: إنهم يجوز أن يكونوا عارفين بالله تعالى، قال: الآية خرجت مخرج الذم لهم، لأنهم بمنزلة من لا يقربه في عظم الجرم. كما أنهم بمنزلة المشركين في عبادة الله بالكفر. وقال الجبائي:
لأنهم يضيفون إليه ما لا يليق به فكأنهم لا يعرفونه. وإنما جمعت هذه الأوصاف لهم ولم يذكروا بالكفار من أهل الكتاب للتحريض على قتالهم بما هو عليه من صفات الذم التي توجب البراءة منهم والعداوة لهم.
وقوله " ولا يدينون دين الحق " يدل على أن دين اليهودية والنصرانية غير دين الحق، وذلك يقوي انهم غير عارفين بالله، لأنهم لو كانوا عارفين كانوا في ذلك محقين، فأما اعتقادهم لشريعة التوراة فإنما وصف بأنه غير حق لامرين:
أحدهما - انها نسخت فالعمل بها بعد النسخ باطل غير حق. الثاني - ان التوراة التي هي معهم مغيرة مبدلة لقوله " يحرفون الكلم عن مواضعه " (1) ويقلبونه عن معانيه.
وقوله " ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله " معناه انهم لا يعترفون بالاسلام.

(1) سورة 4 النساء آية 45 وسورة 5 المائدة آية 14
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست