كان معنى الآية يوجه في الدلالات المختلفة كانت الآية متصرفة، فالنشأة الثانية مصرفة بأنها كاحياء الأرض بالماء للبنات، وبأنها كالخارج من الأرض في الاختلاف، فمنه طيب، ومنه خبيث، وبأنها في حال المؤمن المؤمن والكافر، كحال الأرض في الطيب والخبث. والمعنى أنه تعالى يبين لهم آية بعد آية، وحجة بعد أخرى، ويضرب مثلا بعد مثل " لقوم يشكرون " الله على إنعامه عليهم هدايته إياهم لما فيه نجاتهم وتبصيرهم سبيل أهل الضلال وأمره إياهم تجنب ذلك والعدول عنه.
قوله تعالى:
لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (58) آية واحدة بلا خلاف.
قرأ أبو جعفر والكسائي " من إله غيره " - بخفض الراء وكسر الهاء ووصلها - بناء في اللفظ حيث وقع. الباقون بضم الراء وضم الهاء وإشباعها بالواو، قال الكسائي تقديره ما لكم غيره من إله. في قراءة نافع.
قال أبو علي الفارسي: من جر جعل (غير) صفة ل (إله) على اللفظ وجعل (لكم) مستقرا أو غير مستقر، وأضمر الخبر، والخبر ما لكم في الوجود أو في العالم ونحو ذلك لابد من هذا الاضمار إذا لم يجعل (لكم) مستقرا، لان الصفة. والموصوف لا يستقل بهما الكلام.
ومن رفع حجته قوله " وما من إله إلا الله " (1) فكما أن قوله " إلا الله " بدل من قوله " من إله " كذلك قوله " غيره " يكون بدلا من قوله " من إله " و (غير) يكون بمنزلة الاسم الذي بعد (إلا)، وهذا الذي ذكرناه أولى