التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٣٠
عمرك الله. وكما يقال: فان يهلك فذلك كان قدري أي تقديري. والضرب الاخر - أن يكون " نشرا " على هذه القراءة ينصب انتصاب المصادر من باب " صنع الله " (5) لأنه إذا قال يرسل الرياح دل هذا الكلام على تنشير الريح نشرا.
وقراءة عاصم " بشرا " بالباء فهو جمع بشير وبشر من قوله " يرسل الرياح مبشرات " (6) أي تبشر بالمطر والرحمة وجمع بشير) على (بشر) ككتاب وكتب.
لما أخبر الله تعالى في الآية الأولى أنه الذي خلق السماوات والأرض وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرات، وأنه الذي يجلل الليل النهار، عطف على ذلك بأن قال " وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته " تعدادا لنعمه على خلقه. والارسال هو الاطلاق بتحميل معنى، كما تقول:
أرسلت فلانا أي حملته رسالة، فلما أطلق الله الرياح كان ذلك بمنزلة المطوي في الامتناع من الادراك ثم صارت تدرك في الآفاق، كانت كنشر الثوب بعد طيه في الادراك قال امرؤ القيس:
كان المدام وصوب الغمام * وريح الخزامي ونشر القطر (7) وقال الفراء: النشر من الرياح: الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب، والسحاب الغيم الجاري في السماء مشتقا من الاسحاب، يقال: سحبه سحبا وأسحب إسحابا وتسحب تسحبا.
وقوله " بين يدي رحمته " معناه قدام رحمته، كما يقدم الشئ بين يدي

(5) سورة 27 النمل آية 88.
(6) سورة 30 الروم آية 46.
(7) ديوانه: 79 واللسان (نشر) وتفسير الطبري 12 / 490 يصف صاحبته بأن ريح فمها ذا نكهة طيبة عند قيامها من النوم. والقطر: عود طيب الرائحة.
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست