التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٣١
الانسان، كما قال لما خلقت بيدي " (8) أي توليت خلقه، كما يقول الانسان:
عملت بيدي، والرحمة يراد بها - ههنا - الغيث.
وقوله " حتى إذا أقلت سحابا ثقالا " فلا قلال حمل الشئ بأسره حتى يقل في طاقة الحامل له بقوة جسمه، يقال: استقل بحمله استقلالا. وأقله إقلالا، والثقال جمع ثقيل والثقيل ما فيه الاعتماد الكثير سفلا. وقال قوم:
هو ما تجمع أجزاؤه كالذهب والحجر، وقد يكون بكثرة ما حمل كالسحاب الذي يثقل بالماء.
وقوله " سقناه لبلد ميت " أي إلى بلد، فالسوق حث الشئ في السير حتى يقع الاسراع فيه، ساقه يسوقه سوقا، واستاقه استياقا، وساوقه مساوقة، وتساوقوا تساوقا، وتسوق تسوقا، وانساق انسياقا، وسوقه تسويقا.
(والبلد الميت) هو الذي اندرست مشاربه وتعفت مزارعه.
وقوله " فأنزلنا به الماء " الهاء في (به) راجعة إلى البلد. ويحتمل أن تكون راجعة إلى السحاب. وقوله " فأخرجنا به من الثواب " فالهاء في (به) يحتمل أن تكون راجعة إلى البلد، ويكون التقدير أخرجنا بهذا البلد.
ويحتمل أن تكون راجعة إلى الماء، فكأنه قال فأخرجنا بهذا الماء من كل الثمرات. ويحتمل أن تكون (من) للتبعيض. ويحتمل أن تكون لتبيين الجنس.
وقوله " كذلك نخرج الموتى " معناه كما أخرجنا الثمرات. كذلك نخرج الموتى بعد موتها بأن نحييها " لعلكم تذكرون " معناه لكي تتذكروا، وتتفكروا وتعتبروا بأن من قدر على انشاء الأشجار والثمار في البلد الذي لا ماء فيه ولا زرع، فإنه يقدر على أن يحيي الأموات بأن يعيدها إلى ما كانت عليه بأن يخلق فيها الحياة والقدرة.
واستدل البلخي بهذه الآية على أن كثيرا من الأشياء تكون بالطبع.

(8) سورة 38 ص آية 75.
(٤٣١)
مفاتيح البحث: الموت (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»
الفهرست