في هذه الآية إخبار عما أجابهم به نوح (ع) وقال لهم " ليس بي ضلالة " أي ليس بي عدول عن الحق، ويقال،: به ضلالة لان فيه معنى عرض به كما يقال به جنة، ولا يجوز أن يقال: به معرفة، لأنها ليست مما تعرض بصاحبها، ولكن يصح أن يقال: به جوع، وبه عطش، لأنه عارض به.
قوله " يا قوم " أصله يا قومي، فحذفت ياء الإضافة لقوة النداء على التغيير، حتى يحذف للترخيم، فلما جاز أن يحذف في غيره للاجتزاء بالكسرة منها، لزم أن يحذف فيه لاجتماع السببين فيه.
وقوله " ولكني رسول من رب العالمين " معنى (لكن) والاستدراك الخفيفة يستدرك بها معنى المفرد. والمشددة يستدرك بها معنى الجملة، فلذلك صارت من أخوات (إن). " ولكني " أصله (ولكنني) وحذفت النون لاجتماع النونات، ويجوز الاتمام، لأنه الأصل، وكذلك (اني، وكأني) فأما (ليتني) فلا يجوز فيه الا اثبات النون، لأنه لم يعرض فيه علة الحذف. واما (لعلي) فيجوز فيه الوجهان، لان اللام قريبة من النون.
ومعنى (من) - ههنا - لابتداء الغاية، ومعناه أن الله تعالى هو الذي ابتدأني بالرسالة، وكل مبتدئ بفعل فذلك الفعل منه. وأصل (من) موضع ابتداء الغاية كقولك: خرجت من بغداد إلى الكوفة أي ابتداء خروجي من بغداد.
قوله تعالى:
أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون (61) آية بلا خلاف.
قرأ أبو عمرو وحده " أبلغكم " مخففة اللام. الباقون بتشديدها.
و (بلغ) فعل يتعدى إلى مفعول واحد تقول: بلغني خبركم، وبلغت أرضكم، فإذا نقلته تعدى إلى مفعولين. والنقل يكون تارة بالهمزة وأخرى