التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٧٧
والرهبوت ووزنه (فعلوت) وفى المثل (رهبوت خير من رغبوت) * ومن روى (رهبوتي خير من رحموتي) معناه أن يكون له هيبة يرهب بها خير من أن يرحم.
وقال مجاهد (ملكوت السماوات والأرض) ملكهما بالنبطية.
وقال الضحاك: يعني خلقهما، وبه قال ابن عباس، وقتادة. وروي عن مجاهد أيضا أن معناه آيات السماوات والأرض. وروي عن مجاهد وابن عباس أيضا أنه أراد بذلك ما أخبر الله عنه أنه أراه من النجوم والشمس والقمر، حين خرج من المغارة، وبه قال قتادة. وقال الجبائي: المعنى انا كنا نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض والحوادث الدالة على أن الله مالك لها، ولكل شئ بنفسه، لا يملكه سواه، فأجرى الملكوت على المملوك الذي هو في السماوات والأرض مجازا.
وقوله " وليكون من الموقنين " أي أريناه ملكوت السماوات ليستدل به على الله وليكون من الموقنين أن الله هو خالق ذلك والمالك له. والموقن هو العالم الذي يتيقن الشئ بعد أن لم يكن مثبتا، ولهذا لا يوصف تعالى بأنه متيقن كما يوصف بأنه عالم، لأنه تعالى عالم بها فيما لم يزل،. وقال أبو جعفر (ع): كشط الله له السماوات والأرض حتى رآهن وما عليهن من الملائكة وحملة العرش، وذلك قوله: " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ".
فان قيل كيف يجوز أن يرى ما تحت الأرضين والأرض حجاب لما تحتها وكذلك السماء فوقها؟
قلنا: لا يمتنع أن يجعل الله تعالى منها خروقا ومنافذ ويقوي شعاعه حتى ينفذ فيها فيرى ما فوقها وما تحتها ولا يمنع من ذلك مانع، ومثل هذا روي عن مجاهد والسدي وسعيد بن جبير وسلمان.
قوله تعالى:
فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست