التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٧٤
فيكون منه الصوت الذي يصعق له أهل السماوات وأهل الأرض، ثم ينفخ فيه نفخة أخرى للنشور، وهو الذي اختاره البلخي والجبائي والزجاج والطبري وأكثر المفسرين.
والثاني - أنه جمع صورة مثل قولهم سورة وسور اختاره أبو عبيدة.
وقرأ بعضهم في الشواذ في الصور بفتح الواو وذلك يقوى ما قاله أبو عبيدة، ويكون تقديره يوم ينفخ في الأموات. ويقوي الأول قوله تعالى " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات " ثم قال " ثم نفخ فيه أخرى " (1) ولم يقل فيها أخرى أو فيهن وذلك يدل على أنه واحد. وروى أبو سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن وحنا جنبيه وأصغا سمعه ينتظر ان يؤمر، فينفخ؟! قالوا: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
والعرب تقول نفخ الصور ونفخ في الصور، قال الشاعر:
لولا ابن جعدة لم يفتح قهندركم * ولا خراسان حتى ينفخ الصور (1) وروي عن ابن عباس ان الصور يعني به النفخة الأولى. ثم بين انه عالم الغيب والشهادة اي ما يشاهده الخلق وما لا يشاهدونه وما يعلمونه ومالا يعلمونه، ولا يخفى عليه شئ من ذلك. وبين انه الحكيم في أفعاله الخبير العالم بعباده وبأفعالهم، ورفع عالم الغيب لأنه نعت للذي في قوله " وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق عالم الغيب والشهادة " ويحتمل أن يكون اسم ما لم يسم فاعله كما يقولون اكل طعامك عبد الله، فيظهر اسم فاعل الاكل بعدان قد جرى الخبر بما لم يسم فاعله، والأول أجود، فأما من فتح الياء في ينفخ فإنه جعل عالم الغيب فاعله مرتفعا به.
قوله تعالى:
وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة

(1) سورة 39 الزمر آية 68.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست