التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٧٥
إني أريك وقومك في ضلال مبين (74) آية بلا خلاف.
قرأ أكثر القراء (آزر) بنصب الراء. وقرأ أبو بريد المدني والحسن البصري ويعقوب بالضم. فمن قرأ بالنصب جعل (آزر) في موضع خفض بدلا من أبيه. ومن قرأ بالضم جعله منادى مفردا وتقديره يا آزر.
وقال الزجاج: لا خلاف بين أهل النسب ان اسم أبي إبراهيم تارخ والذي في القرآن يدل على أن اسمه (آزر) وقيل (آزر) ذم في لغتهم كأنه قال:
وإذ قال إبراهيم لأبيه يا مخطئ أتتخذ أصناما فعلى هذا قال الزجاج الاختيار الرفع. قال: ويجوز أن يكون وصفا له كأنه قال وإذ قال إبراهيم لأبيه المخطئ. قال الزجاج: وقيل (آزر) اسم صنم، فموضعه نصب على اضمار الفعل، كأنه قال: وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ آزر، وجعل (أصناما) بدلا من آزر وأشباهه. فقال بعد أن قال أتتخذ آزر إلها أتتخذ أصناما آلهة.
والذي قاله الزجاج يقوي ما قاله أصحابنا، ان آزر كان جده لامه أو كان عمه، لان أباه كان مؤمنا من حيث ثبت عندهم أن آباء النبي صلى الله عليه وآله إلى آدم كلهم كانوا موحدين لم يكن فيهم كافر، وحجتهم في ذلك اجماع الفرقة المحقة، وقد ثبت أن اجماعها حجة لدخول المعصوم فيها، ولا خلاف بينهم في هذه المسألة. وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: نقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات لم يدنسني بدنس الجاهلية، وهذا خبر لا خلاف في صحته، فبين النبي صلى الله عليه وآله أن الله نقله من أصلاب الطاهرين فلو كان فيهم كافر لما جاز وصفهم بأنهم طاهرون، لان الله وصف المشركين بأنهم أنجاس، فقال " إنما المشركون نجس " (1) ولهم في ذلك أدلة لا نطول بذكرها الكتاب لئلا يخرج عن الغرض.
واختلفوا في معنى (آزر) هل هو اسم أو صفة، فقال السدي ومحمد

(1) سورة 9 التوبة آية 29.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست