التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٦
الاخلال بكمال العقل، وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم، والنوم سهو وينسون كثيرا من متصرفاتهم أيضا وما جرى لهم فيما مضى من الزمان، والذي ظنه فاسد.
وقال أيضا في الآية دلالة على وجوب انكار المنكر لأنه تعالى أمره بالاعراض عنهم على وجه الانكار والازدراء لفعلهم وكل أحد يجب عليه ذلك اقتداء بالنبي.
قوله تعالى:
وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون (69) آية بلا خلاف.
لهذه الآية تأويلان:
أحدهما - قال الجبائي والزجاج وأكثر المفسرين ان المراد ليس على المتقين من حساب الكافرين وما يخوض فيه المشركون، ولا من مكروه عاقبته شئ " ولكن ذكرى " أي نهوا عن مجالستهم ليزدادوا تقى وأمروا ان يذكروهم وينبهوهم على خطأهم لكي يتقي المشركون إذا رأوا أعراض هؤلاء المؤمنين عنهم، وتركهم مجالستهم فلا يعودون لذلك.
والثاني - قال البلخي: ليس على المتقين من الحساب يوم القيامة مكروه ولا تبعة ولكنه أعلمهم بأنهم محاسبون وحكم بذلك عليهم لكي يعلموا أن الله يحاسبهم، فيتقوا فعلى الأول الهاء والميم كناية عن الكفار وعلى الثاني عن المؤمنين.
و (ذكرى) يحتمل أن يكون في موضع رفع ونصب، فالنصب على تقدير ذكرهم ذكرى والرفع على وجهين: أحدهما - ولكن عليكم ان تذكروهم، كما قال: " ان عليك الا البلاغ " (1) والثاني - على تقدير ولكن الذي يأمرونهم

(1) سورة 42 الشورى آية 48.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست