المسلم ما يجهل أنه سوء لكان كمن لم يتعمد سوءا. وتحتمل الآية أمرين:
أحدهما - انه عمله وهو جاهل بالمكروه فيه أي لم يعرف أن فيه مكروه.
والاخر - انه أقدم مع علمه ان عاقبته مكروهة فآثر العاجل، فجعل جاهلا لأنه آثر القليل على الراحة الكثيرة والعاقبة الدائمة ويحتمل عندي أن يكون أراد " من عمل منكم سوءا بجهالة " بمعنى أنه لا يعرفها سوءا، لكن لما كان له طريق إلى معرفته وجب عليه التوبة منه، فإذا تاب قبل الله توبته.
فان قيل: قوله " وأصلح " هل فعل الصلاح شرط في قبول التوبة أولا؟
فإن لم يكن شرطا فلم علق الغفران بمجموعهما.
قيل: لا خلاف أن التوبة متى حصلت على شرائطها التي قدمنا ذكرها في غير موضع، فإنه يقبل التوبة ويسقط العقاب، وان لم يعمل بعدها عملا صالحا غير أنه إذا تاب وبقي بعد التوبة، فإن لم يعمل الصالح عاد إلى الاصرار، لأنه لا يخلو في كل حال من واجب عليه أو ندب من تجديد معرفة الله ومعرفة نبيه، وغير ذلك من المعارف وكثير من أفعال الجوارح، فاما ان قدرنا اختراعه عقيب التوبة من غير فعل صلاح، فان الرحمة باسقاط العقاب تلحقه بلا خلاف.
قوله تعالى:
وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين (55).
آية بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة الا حفصا و " ليستبين " بالياء. الباقون بالتاء. وقرأ أهل المدينة " سبيل " بالنصب. الباقون بالرفع.
من قرأ بالتاء ورفع السبيل، فلان السبيل يذكر ويؤنث، فالتذكير لغة تميم، والتأنيث لغة أهل الحجاز فأنث - هاهنا - كما قال