شعيبا كانوا هم الخاسرين (91) آية بلا خلاف.
" الذين " الأولى في موضع رفع بأنه مبتدأ وخبره " كان لم يغنوا فيها " وهذه الآية إخبار من الله تعالى عن حال هؤلاء الكفار الذين كذبوا شعيبا. وشبههم بمن لم يغن فيها، ومعنى " لم يغنوا " لم يقيموا إقامة مستغن بها عن غيرها، والغاني النازل، والمغاني المنازل، وغنى بالمكان إذا أقام به يغني غناء وغنيا، وقال النابغة:
غنيت بذلك إذ هم لك جيرة * منها بعطف رسالة وتودد (2) وقال آخر:
ولقد تغنى بها جيرانك * الممسكوا منك بعهد الوصال (3) وقال رؤبة:
وعهد مغني رمته بضلفعا (1) وقال حاتم طي:
غنينا زمانا بالتصعلك * فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر فما زادنا بغيا على ذي قرابة * غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر (2) ووجه التشبيه في قوله " كأن لم يغنوا فيها " أن حال المكذبين يشبه حال من لم يكن قط في تلك الديار، لما أخذتهم الرجفة بالاهلاك، وهذا مما يتحسر عليه الناس أعظم الحسرة كما قال الشاعر:
كأن لم يكن بين الجحون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر