التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤١٩
وقوله " هدى ورحمة لقوم يؤمنون " إنما جعل القرآن نعمة على المؤمن دون غيره مع أنه نعمة على جميع المكلفين من حيث أنهم عرضوا به للهداية، غير أن المؤمن لما اهتدى به كانت النعمة بذلك عليه أعظم فأضيف إليه، وغير المؤمن لم يتعرض للهداية فلم يهتد، فالمؤمنون على صفة زائدة.
وقوله " هدى ورحمة " يحتمل ثلاثة أوجه من الاعراب: النصب من وجهين: الحال، والمفعول له، وبه القراءة. والرفع على الاستئناف، والجر على البدل. وإنما لم يوصف القرآن بأنه هدى للكفار لئلا يتوهم أنهم اهتدوا به وإن كان هداية لهم بمعنى أنه دلالة لهم وحجة.
قوله تعالى:
هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء.
فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (52) آية بلا خلاف.
قوله " هل ينظرون " معناه هل ينتظرون. لان النظر قد يكون بمعنى الانتظار، قال أبو علي: معناه هل ينتظر بهم أو هل ينتظر المؤمنون بهم إلا ذلك. وإنما أضافة إليهم مجازا، لأنهم كانوا جاحدين لذلك غير متوقعين، وإنما كان ينتظر بهم المؤمنون، لايمانهم بذلك واعترافهم به. والانتظار هو الاقبال على ما يأتي بالتوقع له. وأصله الاقبال على الشئ بوجه من الوجوه.
وإنما قيل لهم: ينتظرون وإن كانوا جاحدين، لأنهم في منزلة المنتظر أي كأنهم ينتظرون ذلك، لأنه يأتيهم لا محالة إتيان المنتظر.
والتأويل معناه ما يؤول إليه حال الشئ تقول: أوله تأويلا، وتأوله تأولا، وآل إليه أمره يؤول أولا، وقيل " تأويله " عاقبته من الجزاء به - في
(٤١٩)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست