التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤١٣
ههنا - هو يقين بلا شك، لأنهم عالمون بذلك ضرورة. وهو مثل قول إبراهيم " والذي أطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين " 2) ولم يكن إبراهيم (ع) شاكا في ذلك بل كان عالما قاطعا، وإنما حسن ذلك لعظم شأن المتوقع في جلالة النعمة به، وهو قول الحسن وأبي علي الجبائي وأكثر المفسرين.
قوله تعالى:
وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين (46) آية بلا خلاف.
هذا اخبار من الله تعالى عن أحوال هؤلاء الذين على الأعراف انه إذا صرف أبصارهم. والصرف هو العدول بالشئ من جهة إلى جهة. والتلقاء جهة اللقاء، وهي جهة المقابلة، ولذلك كان ظرفا من ظروف المكان تقول: هو تلقاك، كقولك هو حذاك. والابصار جمع بصر، وهو الحاسة التي يدرك بها المبصر وقد يستعمل بمعنى المصدر، فيقال له: بصر بالأشياء أي علم بها، وهو بصير بالأمور اي عالم. " وأصحاب النار " هم أهل النار وإنما يفيد " أصحاب " انهم ملازمون لها. والأصل يقتضي المناسبة فيهم لسبب لازم، كالنسيب، كما يقال أهل البلد.
وحد الرماني (النار) بأن يقال: جسم لطيف فيه الحرارة والضياء، وزيد فيه ومن شأنه الاحراق.
وقوله " قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " أي لا تجمعنا وإياهم في النار وإنما حسنت المسألة مع علمهم الضروري بأن الله لا يفعل بهم ذلك، لما لهم في ذلك من السرور بموقف الخاضع لله في دعائه الشاكر بخضوعه لربه، وكما يجوز ان يريدوا من الله النعيم كذلك يجوز ان يسألوا السلامة من العذاب مع العلم بهما. ونظير ذلك قوله تعالى " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه

(2) سورة 26 الشعراء آية 82.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست