التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٩٢
متوقع كتوقعه.
قوله تعالى:
يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون (34) آية بلا خلاف.
هذا خطاب من الله تعالى لجميع بني آدم المكلفين منهم أنه يبعث إليهم رسلا منهم يقصون عليهم آيات الله وحججه وبراهينه، وهو ما أنزله عليهم من كتبه ونصب لهم من أدلته.
وقوله " إما " أصله (إن) حرف الشرط دخلت عليه (ما) ولدخولها دخلت النون الثقيلة في (يأتينكم) ولو قال: إن يأتينكم، لم يجز، وإنما كان كذلك، لان (ما) جعلته في حكم غير الواجب، لأنه ينزل منزلة ما هو غير كائن حتى احتيج معه إلى القسم مع خفاء أمره من جهة المستقبل، ولم يجز دخول النون على الواجب في مثل هو، هون، لأن هذه النون تؤذن بأن ما دخلت عليه قد احتاج إلى التأكيد لخفاء أمره من جهة المستقبل. وانه غير واجب لخفاء أمره من هاتين الجهتين، لأجله احتاج إلى نون التأكيد. وإنما قال " رسل منكم " بلفظ الجمع، وإنما أتى هؤلاء رسول منهم لأنه على تقدير يأتين لكل أمة، فصار كأنه خطاب لجميع المكلفين. وجواب (إن) يحتمل أن يكون أحد أمرين:
أحدهما - أن يكون قوله " فمن اتقى " منكم " وأصلح " لان التفصيل يقتضي منكم.
الثاني - أن يكون محذوفا يدل الكلام عليه كأنه قال فأطيعوهم.
وقوله " يقصون " فالقصص وصل الحديث بالحديث في وصل الحديث الممتنع بحديث مثله.
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست