المضارع مع نون التأكيد، لأنه إنما دخلت عليه طلبا للتصديق، كما أن الامر طلب للفعل فأدخلت عليه نون التأكيد وتثبت مع الفعل، لأن هذه الزيادة التي لا تكون للاسم باعدته كما باعدت الألف واللام مالا ينصرف من الفعل، فانصرف.
أقسم الله تعالى في هذه الآية انه يسأل المكلفين الذين ارسل إليهم رسله واقسم أيضا انه ليسأل الصادقين المرسلين الذين بعثهم، فيسأل هؤلاء عن الا بلاغ ويسأل أولئك عن الامتثال، وهو تعالى وإن كان عالما بما كان منهم، فإنما أخرجه مخرج التهديد والزجر ليتأهب العباد ويحسنوا الاستعداد لذلك السؤال.
وحقيقة السؤال طلب الجواب بأداته في الكلام، وحقيقة الاستخبار طلب الخبر بأداته في الكلام.
وقوله " فلنقصن عليهم بعلم " قسم آخر، واخبار منه تعالى انه يقص عليهم بما عملوه فإنه علم جميع ذلك. وإنما ذكره بنون الجمع لاحد أمرين:
أحدهما - ان هذا على كلام العظماء من الملوك لان أفعالهم تضاف إلى أوليائهم.
والثاني - ان الملائكة تقص عليهم بأمر الله.
وقال ابن عباس نقص عليه بما نجده في كتاب عمله.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (ان الله يسأل كل أحد بكلامه له ليس بينه وبينه ترجمان) والقص ما يتلو بعضه بعضا. ومنه المقص، لان قطعه يتلو بعضه بعضا، ومنه القصة من الشعر، والقصة من الكتاب، ومنه القصاص لأنه يتلو الجناية في الاستحقاق، ومنه المقاصة في الحق، لأنه يسقط ما له قصاصا بما عليه. وإنما دخلت نون التأكيد مع لام القسم في المضارع دون الماضي، لأنها تؤذن بطلب الفعل الذي تدخل فيه نحو (لأكرمن زيدا) فان فيه طلب الاكرام بأداته، فالتصديق بالقسم، ولهذا ألزمت النون في طلب الفعل من جهتين، وفتحت هذه النون ما قبلها في جمع المتكلم، ولم تفتحه في