كم عمة لك يا جرير وخالة * فدعاء قد حلبت علي عشاري (2) فدل ب (كم) على كثرة العمات، وموضع (كم) في الآية رفع بالابتداء وخبرها (أهلكناها) ولو جعلت في موضع نصب جاز، كقوله " أنأكل شئ خلقناه بقدر " (3)، والأول أجود.
اخبر الله تعالى - على وجه الترهيب للكفار والايعاد لهم - أنه أهلك كثيرا من القرى، يعني أهلها بما ارتكبوه من معاصيه، والكفر به، وانه أنزل عليهم بأسه، يعني عذابه " بيانا " يعني في الليل " أو هم قائلون " يعني في وقت القيلولة، وهو نصف النهار. وأصله الراحة، فمعنى أقلته البيع أرحته منه باعفائي إياه من عقده، وقلت إذا استرحت إلى النوم، في وسط النهار:
القائلة. والاخذ بالشدة في وقت الراحة أعظم في العقوبة فلذلك خص الوقتين بالذكر.
وقيل في دخول الفاء في قوله " فجاءها بأسنا بياتا " ثلاثة أقوال:
أحدها - أهلكناها في حكمنا " فجاءها بأسنا " وقد قيل: هو مثل زرني واكرمني فان نفس الاكرام هي الزيارة، قال الرماني: وليس هذا مثل ذلك، لان هذا إنما جاز لأنه قصد الزيارة. ثم الاكرام بها.
والثاني - قال قوم " أهلكناها فجاءها بأسنا " أي فكان صفة اهلاكنا أن جاءهم بأسنا.
والثالث - أهلكناها فصح انه جاءها بأسنا. وقال الفراء الفاء بمعنى الواو، وقال الرماني: هذا لا يجوز، لأنه نقل للحرف عن معناه بغير دليل.
وقال بعضهم: ان المعنى أهلكناها بخذلاننا لها عن الطاعة فجاءها بأسنا عقوبة على المعصية، وهذا لا يجوز لأنه ليس من صفة الحكيم ان يمنع من طاعته حتى تقع المعصية، ثم يعاقب عليها.