بين الاتباع والاتباع ان أحدهما يتعدى إلى مفعول، والثاني يتعدى إلى مفعولين، تقول: اتبعت زيدا وأتبعت زيدا عمرا. ووجوب الاتباع فيما أنزل الله يدخل فيه الواجب والندب والمباح، لأنه يجب ان يعتقد في كل جنس ما أمر الله به، كما يجب ان يعتقد في الحرام وجوب اجتنابه.
وقوله " ولا تتبعوا من دونه أولياء " نهي من الله ان يتبعوا من دون الله ويتخذوا أولياء. وأولياء جمع ولي وهو ضد العدو، وهو يفيد الأولى ويفيد الناصر وغير ذلك مما بيناه فيما مضى (1).
وقوله " قليلا ما تذكرون " معناه الاستبطاء في التذكر، وخرج مخرج الخبر وفيه معنى الامر، ومعناه تذكروا كثيرا مما يلزمكم من أمر دينكم، وما أوجبه الله عليكم. وأخبر انهم قليلا ما يتذكرون و (ما) زائدة، وتذكر معناه أخذ في التذكر شيئا بعد شئ مثل تفقه وتعلم، ويقال: تقيس إذا انتمى إلى قيس، ولم يكن منهم، لأنه يدخل نفسه فيهم شيئا بعد شئ.
قوله تعالى:
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون (3) آية بلا خلاف.
(كم) لفظة موضوعة للتكثير و (رب) للتقليل. وإنما كان كذلك، لان (رب) حرف، و (كم) اسم. والتقليل ضرب من النفي و (كم) تدخل في الخبر بمعنى التكثير. فأما في الاستفهام، فلا، لان الاستفهام موكول إلى بيان المجيب والخبر إلى بيان المخبر، وإنما دخلها التكثير، لان استبهام العدد ان يظهر أو يضبط إنما يكون لكثرته في غالب الامر، ف (كم) مبهمة قال الفرزدق: