ارتفع قوله " والوزن " بالابتداء، وخبره (الحق)، وهو الوجه المختار.
وقال الفراء: يجوز أن يكون خبره (يومئذ) وينصب (الحق) على المصدر.
وتقديره والوزن يومئذ - يعني في يوم القيامة - حقا، فينصب الحق وإن كان فيه الألف واللام، كما قال " فالحق والحق أقول " (1) والوزن في اللغة هو مقابلة أحد الشيئين بالاخر حتى يظهر مقداره، وقد استعمل في غير ذلك تشبيها به، منها وزن الشعر بالعروض، ومنها قولهم: فلان يزن كلامه وزنا قال الأخطل:
وإذا وضعت أباك في ميزانهم * رجحوا وشال أبوك في الميزان وقيل في معنى الوزن في الآية أربعة أقوال:
قال الحسن: موازين الآخرة لها كفتان فالحسنات والسيئات توضعان فيهما وتوزنان. ثم اختلفوا، فقال بعضهم: إنما توضع صحائف الاعمال فتوزن، وهو قول عبد الله بن عمر. وقال أبو علي: إنما تتفضل كفة الحسنات من كفة السيئات بعلامة يراها الناس يومئذ، وذهب عبيد بن عمير إلى أنه يوزن الانسان فيؤتى بالرجل العظيم الجثة، فلا يزن جناح بعوضة. وقال مجاهد: الوزن عبارة عن العدل في الآخرة وانه لا ظلم فيها على أحد، وهو قول البلخي وهو أحسن الوجوه، وبعده قول الجبائي. ووجه حسن ذلك - وإن كان الله تعالى عالما بمقادير المستحقات - ما فيه من المصلحة في دار التكليف وحصول الترهيب به والتخويف.
وقوله " يومئذ " يجوز في (يومئذ) الاعراب والبناء، لان اضافته إلى مبني إضافة غير محضة تقربه من الأسماء المركبة، واضافته إلى الجملة تقربه من الإضافة الحقيقة. ونون يومئذ لأنه قد قطع عن الإضافة إذ شأن التنوين ان يعاقبها، وقد قطع (إذ) في هذا الموضع عنها.
و (الحق) وضع الشئ موضعه على وجه تقتضيه الحكمة. وقد