التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣
أمر الله تعالى أن يعلم المكلف أنه شديد العقاب، فالعلم ما اقتضى سكون النفس، وان شئت قلت هو اعتقاد الشئ على ما هو به مع سكون النفس إلى ما اعتقده، والأول أخص، ولا يجوز أن يحد العلم بأنه المعرفة، لان المعرفة هي العلم، ولا يحد الشئ بنفسه. والعلم يتناول الشئ على ما هو به وكذلك الرؤية. والفرق بينهما ان العلم يتعلق بالمعلوم على وجوه، والرؤية لا تتعلق إلا على وجه واحد. والعلم محله القلب. والرؤية ليست معنى على الحقيقة وإنما تثبت للرائي بكونه رائيا صفة. ومن قال هو معنى قال محلها العين.
وفي الآية دلالة على أن المعرفة بالله وبصفاته ليست ضرورية، لأنها لو كانت ضرورية لما أمرنا بها. وليس لاحد أن يقول إنما أمر على جهة التذكير، والتنبيه، لان ذلك ترك للظاهر.
والعقاب هو الضرر المستحق على جهة الإهانة والمقارن بالاستخفاف، ولو اقتصرت على أن تقول هو الضرر المستحق أو الضرر الذي يقارنه استخفاف وإهانة لكان كافيا لان ما ليس بعقاب ليس بمستحق ولا يقارنه استخفاف وإهانة وإنما سمي عقابا لأنه يستحق عقيب الذنب الواقع من صاحبه.
وقوله " وان الله غفور رحيم " منصوب ب‍ (إعلموا) وتقديره واعلموا ان الله غفور رحيم، والمغفرة هي ستر الخطيئة برفع عقابها. وأصلها الستر ومنه المغفرة وضم ذكر الرحمة إلى المغفرة لبيان سبوغ نعم الله تعالى، وانه إذا أزال العقوبة بالتوبة أوجب الرحمة التي هي المغفرة. وذلك يدل على أن الغفران عند التوبة غير واجب وأنه تفضل وإلا لم يكن كذلك.
قوله تعالى:
ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (102) آية بلا خلاف.
(٣٣)
مفاتيح البحث: التوبة (1)، الضرر (3)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست