التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣١
" وأن الله بكل شئ عليم " بما يقيمهم، ويصلحهم عليه.
وقيل في قوله " قياما للناس " ان معناه أمنا لهم وقيل إنه مما ينبغي أن يقيموا به. والأول أقوى. وقال قوم لما كان في المناسك زجرا عن القبيح ودعا إلى الحق كان بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر أتباعه. وقال سعيد بن جبير " قياما للناس " صلاحا لهم. وقيل: يقوم به أبدانهم. وقيل " قياما " يقومون به في متعبداتهم قال مجاهد وعكرمة: سميت الكعبة كعبة لتربيعها.
وقال أهل اللغة وإنما قيل كعبة البيت وأضيف لان كعبة تربع أعلاه والكعوبة: النتوء، فقيل للتربيع كعبة لنتوء زوايا المربع. ومنه كعب ثدي الجارية إذا نتأ ومنه كعب الانسان لنتوئه. وسميت الكعبة حراما لتحريم الله إياها ان يصاد صيدها أن يخلى خلاءها أو يعضد شجرها. وقوله " والشهر الحرام " قال الحسن: هي الأشهر الحرام الأربعة، فهذا على مخرج الواحد مذهب الجنس. وهي واحد فرد، وثلاثة سرد، فالفرد رجب، والسرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
و (القلائد) قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها - ان الرجل من العرب كان ينتهي به الحال من الضرر والجوع إلى أن يأكل العصب فيلقى الهدي مقلدا فلا يعرض له.
الثاني - أن من أراد الاحرام تقلد قلادة من شعر أو لحي الشجرة، فتمنعه من الناس حتى يأتي أهله.
الثالث - قال الحسن: القلائد ان يقلد الإبل والبقر النعالا أو الخفاف، تقور تقويرا، على ذلك مضت السنة، فهذا على صلاح التعبد بها، وهذا هو المعتمد عليه عندنا.
فان قيل: ما معنى قوله " ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض " بعد قوله " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس " وأي تعلق لها بذلك؟ وما في ذلك مما يدل على أنه بكل شئ عليم؟ قيل عن
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست