التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٥
لا محالة، لأنه ايمان. ثم نسب تعالى شرح صدورهم بالكفر إليهم.
والثاني - أن يكون الضمير فيه عائدا أبدا إلى اسم الله تعالى وهو الأقوى لقوله " أفمن شرح الله صدره للاسلام " وقوله " ألم نشرح لك صدرك " (2) وكذلك يكون الضمير في قوله " يشرح صدره للاسلام " عائدا لاسم الله تعالى.
والمعنى ان الفعل مستند إلى اسم الله في اللفظ وفي المعنى للمشروح صدره، وإنما نسبه إلى ضمير اسم الله لأنه بقدرته كان وتوفيقه، كما قال " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " (3) ويدل على أن المعنى لفاعل الايمان اسناد هذا الفعل إلى الكافر في قوله " ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله " فكما اسند الفعل إلى فاعل الكفر كذلك يكون اسناده في المعنى إلى فاعل الايمان، ومعنى شرح الصدر اتساعه للايمان أو الكفر وانقياده له وسهولته عليه، بدلالة وصف خلاف المؤمن بخلاف الشرح الذي هو اتساع.
وقوله " ومن يرد أن يضله " يعني يعاقبه أو يعدل به عن طريق الجنة يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يفعل ما يعجز عنه ولا يستطيعه لثقله عليه وتكاؤده عليه.
وقوله " يصعد " ويصاعد من المشقة وصعوبة الشئ. ومن ذلك قوله " يسلكه عذابا صعدا " (4) وقوله " سأرهقه صعودا " (5) اي سأغشيه عذابا صعودا أي شاقا. ومن ذلك قول عمر: ما يصعدني شئ كما يصعدني خطبة النكاح أي ما يشق علي مشقتها، فكان معنى يصعد يتكلف مشقة في ارتقاء صعودا. وعلى هذا قالوا: عقبة عنوت وعنتوت، وعقبة كؤد، ولا يكون السماء في هذا الموضع - على هذا القول - هي المظلة للأرض لكن كما قال سيبويه: القيدود الطويل في غير سمائه يريد في غير ارتفاع صعدا، ومثله " قد نرى تقلب وجهك في السماء " (6) واما قوله " يجعل صدره ضيقا " حرجا "

(2) سورة 94 الانشراح آية 1 (3) سورة 8 الأنفال آية 17.
(4) سورة 72 الجن آية 17 (5) سورة 74 المدثر آية 17 (6) سورة 2 البقرة آية 144.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست