التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٠
وقيل في المراد بالنور الذي يمشي به في الناس قولان:
أحدهما - قال الحسن: وهو القرآنا. وقال غيره: هو الايمان الذي لطف له به.
ووجه التشبيه في قوله " كذلك زين للكافرين " أي زين لهؤلاء الكفر، فعملوه كما زين لأولئك الايمان فعملوه، فشبهت حال هؤلاء في التزيين بحال أولئك فيه، كما قال " كل حزب بما لديهم فرحون " (1) وإنما زين الله تعالى الايمان عند المؤمنين، وزين الغواة من الشياطين وغيرهم الكفر عند الكافرين وهو قول الحسن وأبي علي والرماني والبلخي وغيرهم.
وفي الآية دلالة على وجوب طلب العلم، لأنه تعالى رغب فيه بأن جعله كالحياة في الادراك بها والنور في الاهتداء به.
قوله تعالى:
وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرن (123) آية بلا خلاف معنى قوله " كذلك جعلنا " أي جعلنا ذا المكر من المجرمين، كما جعلنا ذا النور من المؤمنين، فكلما فعلنا بهؤلاء فعلنا بأولئك الا أن أولئك اهتدوا بحسن اختيارهم وهؤلاء ضلوا بسوء اختيارهم، لان كل واحد منهما جعل بمعنى صار به كذا الا أن الأول باللطف، والثاني بالتمكين من المكر، فصار كأنه جعل كذا.
وموضع الكاف في " وكذلك " نصب بالعطف على قوله " كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " والمعنى مثل ذلك الذي قصصنا عليك زين للكافرين عملهم. ومثل ذلك " جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها " وإنما خص أكابر المجرمين بهذا المعنى دون الأصاغر، لأنه أحسن في الاقتدار على الجميع، لان الأكابر إذا كانوا في قبضة القادر فالأصاغر بذلك أجدر.

(1) سورة 23 المؤمنون آية 54 وسورة 30 الروم آية 32.
(٢٦٠)
مفاتيح البحث: الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست