فخلى الله تعالى بينهم وبين اختيارهم، فعبر عن ذلك بأنه جعل صدر الكافر ضيقا حرجا.
والثاني - أن يكون اللام بمعنى لأجل الشئ وبسببه كما يقول القائل: إنما قلت هذا الكلام لزيد ولمراعاة عمرو، المعنى من أجله وبسببه، فيكون المعنى انه شرح صدره من أجل الاسلام، لأنه فعل اسلاما استحق به شرح الصدر.
قوله تعالى:
وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون (126) لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون (127) آيتان بلا خلاف.
الإشارة بقوله " وهذا صراط ربك مستقيما " يمكن أن تكون إلى أحد شيئين:
أحدهما - ما قال ابن عباس: انه راجع إلى الاسلام.
والثاني - أن تكون إشارة إلى البيان الذي في القرآن، وأضيف الصراط إلى الله في قوله " صرط ربك مستقيما " لأنه لما كانت الإضافة فيه إنما هي على أنه الذي نصبه ودل به، وغلب عليه الاستعمال. ولم يجز قياسا على ذلك ان يقال: هذا طريق ربك، لأنه لم تجر العادة باستعماله كما أنهم استعملوا قولهم: هذا في سبيل الله، ولم يقولوا في طريق الله، لما قلناه.
وقوله " مستقيما " نصب على الحال ومعناه الذي لا اعوجاج فيه.
فان قيل كيف يقال: انه مستقيم مع اختلاف وجوه الأدلة؟!
قلنا: لأنها مع اختلافها يؤدي كل واحد منها إلى الحق، وكأنها طريق واحد لسلامة جميعها من التناقض والفساد، وكلها تؤدي من تمسك بها إلى الثواب وقوله " قد فصلنا الآيات " أي بيناها " لقوم يذكرون " وإنما أعيد ذكر تفصيل الآيات للاشعار بأن هذا الذي تقدم من الآيات التي فصلها الله عز