والأكابر جمع الأسماء، والكبر جمع الصفات تقول: كبير وأكابر ويجوز أن يكون جمع أكبر على أكابر. وقد قالوا: الأكابرة والأصاغرة، كما قالوا:
الأساورة والأحامرة قال الشاعر:
ان الأحامرة الثلاثة أهلكت * مالي وكنت بهن قدما مولعا الخمر واللحم السمين أحبه * والزعفران فقد أبيت مودعا (1) وقوله " ليمكروا فيها " اللام لام العاقبة ويسمى لام الصيرورة، كما قال " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وجزنا " (2) وقال الشاعر:
فاقسم لو قتلوا مالكا * لكنت لهم حية راصدة وأم سماك فلا تجزعي * فللموت ما تلد الوالدة (3) وليس المراد بها لام الغرض، لأنه تعالى لا يريد أن يمكروا، وقد قال وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون " (4) وإرادة القبيح قبيحة. والتقدير وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليطيعوني ويمتثلوا أمري، وكان عاقبتهم أن مكروا بالمؤمنين وخدعوهم، فقال الله تعالى " وما يمكرون الا بأنفسهم " لان عقاب ذلك يحل بهم. والمكر هو فتل الشئ إلى خلاف الرشد على وجه الحيلة في الامر. والمكر والختل والغدر نظائر. وأصل المكر القتل. ومنه جارية ممكورة أي مفتولة البدن. ووجه مكر الانسان بنفسه أن وبال مكره يعود عليه، كأنه قال وما يضرون بذلك المكر الا أنفسهم، وما يشعرون انهم يمكرون بها، ولا يصح أن يمكر الانسان بنفسه على الحقيقة، لأنه لا يصح أن يخفي عن نفسه معنى ما يحتال به عليها ويصح أن يخفي ذلك عن غيره.
وفائدة الآية ان أكابر المجرمين لم يمكروا بالمؤمنين على وجه المغالبة لله، إذ كأنه جعلهم ليمكروا مبالغة في انتفاء صفة المغالبة.