فلحال يرجع إليه. وقيل في معنى (لا) في قوله (أن لا تأكلوا) قولان:
أحدهما - انها للجحد، وتقديره أي شئ لكم في أن لا تأكلوا، اختاره الزجاج وغيره من البصريين.
والثاني - أن يكون صلة، والمعنى ما منعكم ان تأكلوا، لان (مالك ان لا تفعل) (ومالك لا تفعل) بمعنى واحد. وقال قوم: معناه ليس لكم ان لا تأكلوا مما أمرناكم بأكله على الوصف الذي أمرناكم بفعله، ويجوز حذف (في) من " مالكم الا تأكلوا " ولا يجوز حذفها من ما لكم في ترك الأكل لان (ان) تلزمها الصلة فهي أحق بالاستحقاق من المصدر، لان المصد - ر لا تلزمه الصلد، كما حسن حذف الهاء من صلد (الذي) ولم يحسن من الصفة.
وقوله " وقد فصل لكم ما حرم عليكم " يعني ما ذكره في مواضع من قوله " حرمت عليكم الميتة " (1) الآية وغيرها.
وقوله " الا ما اضطررتم إليه " معناه الا إذا خفتم على أنفسكم الهلاك من الجوع وترك التناول، فحينئذ يجوز لكم تناول ما حرمه الله في قوله " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " (2) وما حرمه في هذه الآية.
واختلفوا في مقدار ما يسوغ له حينئذ تناوله، فعندنا لا يجوز له ان يتناول الا ما يمسك الرمق. وفي الناس من قال: يجوز له أن يشبع منه إذا اضطر إليه وان يحمل منها معه حتى يجد ما يأكله. وقال الجبائي: في الآية دلالة على أن ما يكره عليه من أكل هذه الأجناس أنه يجوز له أكله، لان المكره يخاف على نفسه مثل المضطر.
ومن قرأ " ليضلون " بفتح الياء ذهب إلى أن المعنى ليضلون بأهوائهم أي يضلون باتباع أهوائهم، كما قال " واتبع هواه " (3) أي يضلون في أنفسهم من غير أن يضلوا غيرهم من أتباعهم بامتناعهم من أكل ما ذكر اسم الله