التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٨
وهو قول الحسن وجماعة من المفسرين. والتقدير في قوله " انكم " فإنكم، لان جواب الشرط لا يكون ب‍ (أن) بلا فاء. وإنما يكون ذلك جواب القسم.
واختلفوا في ما عناه الله تعالى بقوله " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " فقال عطاء: ذلك يختص بذبائح كانت في الجاهلية على الأوثان كانت العرب تذبحها وقريش. وقال ابن عباس ذلك الميتة. وقال قوم: عنى بذلك كل ذبيحة لم يذكر اسم الله عليها. وهذا الوجه أقوى على ما بيناه. ومن حمل الآية على الميتة فقد أبعد، لان أحدا من العرب ما كان يستحل الميتة. وإنما ذلك مذهب قوم من المجوس، فالآية اما أن تكون مختصة بما كانت تذبح للأصنام على ما قاله عطاء، أو عامة في كل ما لم يذكر اسم الله عليه الا ما أخرجه الدليل. وقد بينا ان ذلك أعم وأولى بحمل الآية عليه.
قوله تعالى:
أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون (122) آية بلا خلاف.
قرأ أهل المدينة ويعقوب (ميتا) بالتشديد. الباقون بالتخفيف. قال أبو عبيدة الميتة مخففة ومثقلة معناهما واحد، وإنما خفف استثقالا، قال ابن الرعلاء الغساني:
ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الاحياء إنما الميت من يعيش كئيبا * كاسفا باله قليل الرجاء (1) وقد وصف الله الكفار بأنهم أموات بقوله " أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون " (2) وكذلك " أو من كان ميتا فأحييناه " والمعنى من كان ميتا

(1) مر تخريجه في 2 / 432، 84 و 3 / 428 (2) سورة 16 النحل آية 21.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست