ان تضلوا، والمعنى اني فصلت الآيات وأحكمتها لئلا يقولوا: انها أخبار قد تقدمت وطال العهد بها وباد من كان يعرفها، كما قالوا " أساطير الأولين " (6) لان تلك الأخبار لا تخلو من خلل فإذا سلم الكتاب منه لم يكن لطاعن موضع طعن.
والثاني - ليقولوا (درست) ذلك بحضرتنا أي ليقروا بورود الآية عليهم فتقوم الحجة عليهم.
وقال الزجاج: اللام لام العاقبة ومن قرأ (دارست) فاللام على قوله كالتي في قوله " ليكون " لهم عدوا وحزنا " (7) ولم يلتقطوه لذلك لكن كان عاقبته كذلك كما أنه تعالى لم يفصل الآيات ليقولوا دارست ودرست. لكن لما قالوا ذلك أطلق ذلك عليه اتساعا.
وموضع الكاف في وكذلك نصب، لان المعنى نصرف الآيات في غير هذه السورة مثل التصريف في هذه السورة، فهو في موضع صفة المصدر كأنه قال تصريفا مثل هذا التصريف. قال الرماني: التصريف اجراء المعنى الدائر في المعاني المتعاقبة ليجتمع فيه وجوه الفائدة.
وقال الحسن ومجاهد والسدي وابن عباس وسعيد بن جبير (دارست) أي ذاكرت أهل الكتابين وقارأتهم، وقوله " ولنبينه لقوم يعلمون " معناه لنبين الذي هذه الآيات دالة عليه لقوم يعلمون ما نورده عليهم من هذه الآيات، ويعقلون ذلك وهم الذين يلزمهم الاستدلال بذلك على الله وعلى صحة دينه.
وقال قوم " ليقولوا درست " معناه التهديد كما يقول القائل: قل لفلان: يوفينا حقنا وليصنع ما شاء، وقل للناس الحق وليقولوا ما شاؤوا أي ذلك لا يضرك، ولان ضرره يعود عليهم من العقاب والذم.