التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٣
لان معناه يدعونه إلها فلما قال " من دون الله " وهو من صفة الكفار دل على هذا المعنى فحذف اختصارا. وإنما قال " من دون الله " مع أنهم كانوا يشركون في العبادة بين الله وبين الأصنام لامرين:
أحدهما - ان ما وجهوه من العبادة إلى الأوثان إنما هو عبادة لها لا لله، وليس كالتوجه إلى القبلة عبادة لله.
والثاني - أن ذلك غير معتد به، لأنهم أوقعوا العبادة على خلاف الوجه المأمور به فما أطاعوا الله بحال.
وقوله " كذلك زينا لكل أمة عملهم " قيل في معناه أربعة أقوال:
أحدها - قال الحسن والجبائي والطبري والرماني: انا كما أمرناكم بحسن الدعاء إلى الله تعالى وتزيين الحق في قلوب المدعوين كذلك زينا للأمم المتقدمين أعمالهم التي أمرناهم بها ودعوناهم إليها بأن رغبناهم في الثواب، وحذرناهم من العقاب ويسمى ما يجب على الانسان أن يعمله بأنه عمله كما يقول القائل لولده أو غلامه: اعمل عملك يريد به ما ينبغي له أن يفعله، لان ما وجد وتقضى لا يصح الامر بأن يفعله.
الثاني - زينا الحجة الداعية إليها والشبهة التي من كمال العقل أن يكون المكلف عليها، لأنه متى لم يفعل منى الشبهة لم يكن عاقلا.
الثالث - التزيين المراد به ميل الطبع إلى الشئ فهو إلى الحسن ليفعل والى القبيح ليجتنب.
والرابع - ذكره البلخي أيضا، وهو أن المعنى ان الله زين لكل أمة عملهم من تعظيم من خلقهم ورزقهم وانعم عليهم، والمحاماة عنه وعداوة من عاداه طاعة له، فلما كان المشركون يظنون شركاءهم هم الذين يفعلون ذلك أو أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، حاموا عنهم وتعصبوا لهم وعارضوا من شتمهم بشتم من يعز عليهم، فهم لم يعدوا فيما صنعوا ما زينه الله لهم في الحملة، لكن غلطوا فقصدوا بذلك من لم يجب ان يقصدوه فكفروا وضلوا.
(٢٣٣)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست