والأرض " وغير ذلك من صفاته تعالى. وإنما ادخل فيه الميم، لأنه خطاب لجميع الخلق. " الله ربكم " صفة بعد صفة.
وقوله: " لا إله إلا هو " اخبار بأنه لا معبود سواه تحق له العبادة.
وبين انه " خالق كل شئ " من أصناف الخلق. وحذف اختصارا - في المبالغة - لقيام الدلالة على أنه لا يدخل فيه ما لم يخلقه من أصناف الأشياء من المعدوم، وافعال العباد والقبائح، ومثله في المبالغة قوله: " تدمر كل شئ بأمر ربها " (1). وقوله: " وأوتيت من كل شئ " (2). ثم امر الخلق بعبادة من كان خالق الأشياء كلها، والمنعم على خلقه بما يستحق به العبادة:
من خلق الحياة والقدرة والشهوة والبقاء، وغير ذلك. وأخبر انه تعالى " على كل شئ وكيل " أي حافظ. والوكيل على الشئ هو الحافظ الذي يحوطه ويدفع الضرر عنه. وإنما وصف بأنه وكيل مع أنه مالك الأشياء، لأنه لما كانت منافعه لغيره لاستحالة المنافع عليه والمضار، صحة الصفة له من هذه الجهة بأنه وكيل، وكان فيها تذكير بالنعمة مع كونه مالكا من جهة انه قادر عليه له ان يصرف أتم التصريف مما يريده بمنزلة ما يريده الوكيل في أن منافعه تعود على غيره، ولا يلزم على هذا ان يقال: هو وكيل على القبائح والفواحش، لأنه يوهم انها عرض وإنما تدخل في الجملة على طريق التبع، لأنه يجازي عليها بالعذاب المستحق بها.
ورفع " خالق كل شئ " بأنه خبر ابتداء محذوف كأنه قيل هو خالق كل شئ، لأنه تقدم ذكره فاستغني عن ذكره. ولا يجوز رفعه على أن خبره " فاعبدوه " لدخول الفاء. وكان يجوز نصبه على الحال لأنه نكرة اتصل بمعرفة بعد التمام.