ولهذا قلنا أن مناقب علي وأهل البيت لا لوم على من يرويها خارج هذه المجالس العامة، إذا كان ثقة معروفا بالعلم والأمانة، وشاهدنا أن الحافظ السيوطي له كتاب في فضل أهل البيت، سماه (إحياء الميت في فضل أهل البيت) فأشار إلى أن فضل أهل البيت قد أميت.
ومن المعلوم من علوم الحديث أن الرواة الذين يروون المتون المنكرة أو الموضوعة الباطلة من قبلهم، لا محل لهم في كتب الصحاح، ويحكم على كل ما يروونه بالوضع. وليس هذا من الخطاء والوهم الذي يغتفر للثقة في رفع موقوف أو وصل مرسل. وحاشا هؤلاء الأئمة الثقات الذين حملوا تراث السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سوء هذا المآل.
وهذا أبو معاوية روى حديث الباب، وهو من أبرز الأئمة الثقات الذين اعتمد عليهم علماء الرواية، وفي مقدمتهم صاحبا الصحيحين، وأوعبوا في كتبهم من رواياته. وقد قبلوا ما تفرد به وما تفرد به الثقات لا سيما الحفاظ منهم، على أساس قاعدة أن انفراد الثقة الثبت حديثه صحيح، وأن انفراد الثقة الصدوق حديثه حسن. وهو أصل من أعظم أصول قواعد هذا الفن الشريف.
والانقياد لهذه القواعد في بعض دون بعض تحكم موافق لمقتضى الهوى والتشهي، ويدخل الوهن في القواعد التي يعتمد عليها علم الحديث، كما يضعف الثقة بالسنة النبوية وهي الأصل الثاني بعد القرآن، اعتمد عليها المسلمون في دينهم. إذ الأحاديث المتواترة لا تفي بحاجات الشريعة المطهرة.