كان، فالنوع الأول كل مصل صلاة يقول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ا ه. وقال في موضع آخر من هذا الكتاب: وهم يقولون في الصلاة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، كما كانوا يقولون ذلك في حياته ا ه.
الحادي عشر: أن قول ابن مسعود: فلما قبض قلنا السلام على النبي، لا يجوز أن يكون نسخا لما علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التشهد للصحابة كما كان يعلمهم السورة من القرآن، لأن النسخ لا يثبت إلا بوحي، ولا وحي بعده صلى الله عليه وآله وسلم. ولا يثبت بقول الصحابي كما يقرر في الأصول. بل غاية ما يفيد قول ابن مسعود أن يكون قرينة على أن الخطاب غير واجب، فلو قال مصل في بعض الأحيان: السلام على النبي، صحت صلاته.
وقال الشافعية: تبطل لأن الخطاب عندهم وأحب. وهم أسعد بالدليل، وأحق بموافقة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وعهدنا بالألباني، يظهر الحرص على التمسك بالوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فما بالنا نراه في هذه المسألة يحيد عن اللفظ النبوي المتواتر والمتوارث بين الأمة جيلا عن جيل. ثم يختار لفظا يزعم أنه عن توقيف؟!.
ولا غرابة في ذلك، فإنه يتكلم على فقه الحديث وهو لا يعرف الأصول، ولا يحسن قواعد الاستنباط، فخبط خبط عشواء ويتيه في ضلالة عمياء، يجعل المحكم منسوخا والمخصوص عاما، والموقوف مرفوعا كما هنا. ولو أنه اقتصر على الكلام في سند الحديث - على تخليط له فيه - لكان خيرا له وأفضل، وأستر لحاله وأجمل، على أنه كثيرا ما يضعف الحديث بالهوى والعصبية، متعاميا عن المتابعات والشواهد، ويريد إحياء أقول ميتة كقول ابن العربي لا يجوز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال ويزعم أن إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أمر يفيد استحبابه، وعلى هذا فالسلام على المصلي يستحب، وكل الضب مستحب. وتارة يرمي بقاعدة أصولية في غير موضعها، فيؤكد بذلك جهله بعلم الأصول، فقد استعمل في كتاب الجنائز قول الأصوليين: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فضحكنا من حسن استعماله لهذه القاعدة!! وتارة يتحمس للتغليظ في حكم، فيؤدي به الحماس