القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ١٨
إلى الزيادة على الشارع. ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (اعفوا للحي خالفوا المجوس - اشتمل الحديث على الأمر بإعفاء اللحي وتعليله بمخالفة المجوس، لأنهم يحلقون لحاهم. فلم يقف الألباني عند هذا التعليل واعتبره غير كاف في الزجر عن حلق اللحي، فعلله بعلتين أخريين ذكرهما في رسالة أدب الزفاف، وهما تغيير خلق الله والتشبيه بالنساء وزيادة هاتين العلتين تعتبر استدراكا على الشارع، والاستدراك على الشارع لا يجوز، لأنه لا ينسى فيذكر ولا يغفل فينبه.
وبالجملة فلألباني في استنباطه وغيرها سقطات عظيمة يتحمل وزرها ووزر من يقلده فيها، لإقدامه على الخوض في ما لا يحسنه، وقد أخطأ من زعمه وهابيا بل هو أعمق من الوهابيين تعصبا وأشد منهم تعنتا، وأجمد على بعض النصوص بغير فهم وأكثر ظاهرية من ابن حزم، مع سلاطة في اللسان وصلابة في العناد لا تخطر بخلد إنسان، وهذا شعار أدعياء السنة والسلفية في هذا الزمان.
وبلغنا عنه أنه أفتى بمنع إعطاء الزكاة للمجاهدين الأفغانيين، نصرهم الله، فخالف نص القرآن في قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) وأجمع العلماء على أن سبيل الله، هو الجهاد، ولا دليل للألباني على مخالفة النص والاجماع إلا عقيدة. وهو في الحقيقة الضال المضل، يسعى في التفريق بين المسلمين، ويعمل على خذلان المجاهدين الذين أوجب الله نصرهم وإمدادهم بالمال والسلاح والعتاد، والله تعالى يقول: (إنما المؤمنون إخوة) والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " المسلم أخو المسلم " وتواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم تواترا قطعيا معلوما بالضرورة أنه كان يكتفي في إسلام المرء بالشهادتين ولم يشترط سيئا آخر غيرهما، وجرى على هذا صحابته الكرام، وتابعوهم بإحسان. فما بال هذا الألباني المبتدع، يفرق بين المسلمين ويضلل جمهورهم كالأشعرية الذين منهم المالكية والشافعية، وبعض الحنابلة، وكالماتريدية الذين هم الحنفية. ولم يبق من المسلمين سني إلا هو ومن على شاكلته من الحشوية والمجسمة الذين ينسبون إلى الله تعالى ما لا يليق بجلاله.
وآية فساد عقيدته أن العلماء عابوا على ابن تيمية قوله بإثبات حوادث لا أول لها، ورجح حديث " كان الله ولم يكن شئ قبله " على حديث " كان الله ولم يكن شئ غيره " وكلاهما في صحيح البخاري، ليوافق الحديث قوله المخالف لقول الله تعالى
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»