فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١٠٩
فينتج من هذا أن لا يصح في فضله حديث كما صرح به بعض من رفع جلباب الحياء عن وجهه من غلاة النواصب كابن تيمية وأضرابه، ولذلك تراهم عندما يضيق بهم هذا المخرج ولا يجدون توصلا منه إلى الطعن في حديث لتواتره أو وجود في الصحيحين يميلون به إلى مسلك آخر وهو التأويل وصرف اللفظ عن ظاهره، كما فعل حريز بن عثمان (1) في حديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وكما فعل ابن تيمية في أكثر ما صح من فضائله بالنسبة إلى اعترافه.
وقد حكى ابن قتيبة وهو من المتهمين بالنصب لهذا المذهب عن قبله من المتقدمين، كما أنهم يفعلون ضد ذلك بالنسبة لأعدائه، فيقول الذهبي في حديث: اللهم اركسهما في الفتنة ركسا ودعهما في النار دعا أنه من فضائل معاوية، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم من سببته أو لعنته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة، وقد راجت هذه الدسيسة على أكثر النقاد فجعلوا يثبتون التشيع برواية الفضائل ويجرحون راويها بفسق التشيع ثم يردون من حديثه ما كان في الفضائل ويقبلون منه ما سوى ذلك، ولعمري إنها لدسيسة إبليسية ومكيدة شيطانية كاد ينسد بها باب الصحيح من فضل العترة النبوية لولا حكم الله النافذ والله غالب على أمره " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " (2)، وأول من علمته صرح بهذا الشرط وإن كان معمولا به في عصره إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (3) المعروف بين أهل الجرح والتعديل بالسعدي وهو أحد شيوخ الترمذي وأبي داود والنسائي وكان من غلاة

(١) الرحبي الحمصي المتوفى ١٦٣، تهذيب التهذيب ٢: ٢٣٧.
(٢) سورة التوبة ٣٩.
(٣) المتوفى ٢٥٦ / ٢٥٩ تذكرة الحفاظ ٢: ٥٤٩.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»