فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١٤٥
والمنافسة على الجرح في عدوه وقرينه بلا موجب كما وجد ذلك بكثرة بين الأقران وبين المختلفين في النحل والعقائد. وقد يبنى جرحه على كون الراوي تفرد بالحديث المنكر وعلى أن حديثه مخالف للأصول ويكون الواقع خلاف ذلك كما رأيت، وقد يبنيه على أمور ليست هي من باب الجرح أصلا كجماعة ضعفوا رواة فلما سئلوا عن ذلك أبدوا من الأسباب ما لا دخل له في الجرح، كشعبة بن الحجاج (1) ضعف راويا فسئل عن السبب فقال: رأيته يركض على برذون، وضعف المنهال بن عمرو أيضا لسماعه من داره صوت القراءات بالتطريب، وضعف الحكم أحمد بن زاذان، فسأله شعبة عن السبب فقال: كان كثير الكلام، وضعف جرير ابن عبد الحميد سماك بن حرب لأنه رآه يبول قائما، وضعف بعضهم إسماعيل بن عبد الملك لكونه كان يبيع الزئبق، وصف العجلي إسحاق ابن إسماعيل والد إسماعيل القاضي لأنه كان أمينا علي أموال الأيتام، وضعف ابن أبي حاتم راويا سمعه يقرأ بالتلحين، وضعف وكيع ويحيى أحمد بن سعيد إبراهيم بن سعد لتجويزه سماع الملاهي، ورده الذهبي بأنه كان لا يجد دليلا ناهضا على التحريم فأداه اجتهاده إلى الرخصة فكان ماذا، وضعفوا الزهري لكونه لبس زي الجند وخدم هشام بن عبد الملك، وفي حقه يقول الذهبي: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
وضعفوا بأخذ الأجرة على السماع جماعة يطول عدهم، كابن الأعرابي والحسن بن سفيان، وعلي بن عبد العزيز البغوي، والحارث بن أبي أسامة، وأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي، وأبي شعيب عبد الله بن الحسن الحرابي في آخرين مع أن كثيرا من الأئمة صرحوا بجواز ذلك عند

(١) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي المتوفى ١٦٠، تهذيب التهذيب ٤: ٣٣٨ - 346.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»