وإن كان قليلا في نفسه حين انفراده كثيرا باجتماعه معه فهو كخبر اثنان فما فوقهما جماعة اه وهذا كما ترى ذهاب منه إلى أن المراد الأخوة في الإسلام ونزله الماوردي على أنهما أخوة النسب ووجهه بأنه تعاطف الأرحام وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التجادل والفرقة أنفة من استعلاء الأباعد على الأقارب وتوقيا من تسلط الغرباء الأجانب اه (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (الإخوان) وكذا العسكري (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه الديلمي والقضاعي عن أنس قال شارحه العامري: وهو غريب.
9190 - (المرء مع من أحب) طبعا وعقلا وجزاءا ومحلا فكل مهتم بشئ فهو منجذب إليه وإلى أهله بطبعه شاء أم أبى وكل امرئ يصبو إلى مناسبه رضي أم سخط، فالنفوس العلوية تنجذب بذواتها وهممها وعملها إلى أعلى والنفوس الدنية تنجذب بذواتها إلى أسفل ومن أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل فلينظر أين هو؟ ومع من هو في هذا العالم؟ فإن الروح إذا فارقت البدن تكون مع الرفيق الذي كانت تنجذب إليه في الدنيا فهو أولى بها فمن أحب الله فهو معه في الدنيا والآخرة إن تكلم فبالله وإن نطق فمن الله وإن تحرك فبأمر الله وإن سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله واتفقوا على أن المحبة لا تصح إلا بتوحد المحبوب [ص 266] وأن من ادعى محبته ثم لم يحفظ حدوده فليس بصادق وقيل المراد هنا من أحب قوما بإخلاص فهو في زمرتهم وإن لم يعمل عملهم لثبوت التقارب مع قلوبهم قال أنس:
ما فرح المسلمون بشئ فرحهم بهذا الحديث. وفي ضمنه حث على حب الأخيار رجاء اللحاق بهم في دار القرار والخلاص من النار والقرب من الجبار والترغيب في الحب في الله والترهيب من التباغض بين المسلمين لأن من لازمها فوات هذه المعية وفيه رمز إلى أن التحابب بين الكفار ينتج لهم المعية في النار وبئس القرار * (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) * (حم ق) في الأدب (3 عن أنس) بن مالك (ق عن ابن مسعود) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول في رجل أحب قوما ولما يلحق بهم فذكره قال العلائي: الحديث مشهور أو متواتر لكثرة طرقه، وعده المصنف في الأحاديث المتواترة.
9191 - (المرء مع من أحب) قال ابن العربي: يريد المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفي الآخرة بالمعاينة والقرب الشهودي فمن لم يتحقق بهذا وادعى المحبة فدعواه كاذب (وله ما اكتسب) في رواية وعليه بدل وله وفي رواية المرء على دين خليله أي عادة خليله فمن كانت عادته في خلق الله ما عودهم الله من لطائف مننه وأسبغ عليهم من جزيل نعمه وعطف بعضهم على بعض فلم يظهر في العالم غضبا لا يشوبه رحمة ولا عداوة لا يتخللها مودة فذلك الذي يستحق اسم الخلة لقيامه بحقها واستيفائه لشروطها (فائدة) قال بعض الصوفية: قلت لشيخنا يا سيدي إذا ارتقى الولي إلى المرتبة العظمى كالقطبية هل يرقى بعض جماعته كما هو الواقع في أبناء الدنيا من أهل الولايات؟ فتبسم وحسن رجائي وقال ما لا يحل كشفه. وفي ثنائه هم القوم لا يشقى جليسهم (ت عن أنس) بن مالك