فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣٣٠
مودته بينهم وإن كان صفو الزمان كدرا ويسره عسرا وسلمه خطر والعرب تقول من قل ذل اه‍ (قط في الإفراد والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله.
9148 - (المؤمن يغار والله أشد غيرا) بفتح الغين وسكون الياء وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته ومن الغيرة غيره العلماء لمقام الوراثة وهو مقام العلم وعليه يحمل ما وقع لكثير من العظماء فمن ذلك ما رواه [ص 254] أحمد أن عليا كرم الله وجهه دعا على رجل فعمي فورا ومطرف بن الشخير دعا على من كذب عليه فخر مكانه ميتا - (م عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه ففي مسند الفردوس أن البخاري خرجه عن أبي سلمة.
9149 - (المؤمن غر) أي يغره كل أحد ويغره كل شئ ولا يعرف الشر وليس بذي مكر ولا فطنة للشر فهو ينخدع لسلامة صدر وحسن ظنه وينخدع لانقياده ولينه (كريم) أي شريف الأخلاق (والفاجر) أي الفاسق (خب لئيم) أي جرئ، فيسعى في الأرض بالفساد فالمؤمن المحمود من كان طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلا والفاجر من عادته الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر وليس ذا منه عقلا والخب بفتح الخاء المعجمة الخداع والساعي بين الناس بالفساد والشر وقد تكسر خاؤه فأما المصدر فبالكسر لا غير وقال الراغب: الخب استعمال الدهاء في الأمور الدنيوية صغيرها وكبيرها. (تنبيه) قال بعض العارفين: كن عمري الفعل فإن الفاروق يقول من خدعنا في الله انخدعنا له فإذا رأيت من يخدعك وعلمت أنه مخادع فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه فإنك إذا فعلت ذلك فقد وفيت الأمر حقه لأنك إنما عاملت الصفة التي ظهر لك فيها والإنسان إنما يعامل الناس لصفاتهم لا لأعيانهم، ألا تراه لو كان صادقا مخادعا فعامله بما ظهر منه وهو يسعد بصدقه ويشقى بخداعه فلا تفضحه بخداعه وتجاهل وتصنع له باللون الذي أراه منك وادع له وارحمه عسى الله أن يرحمه بك فإذا فعلت ذلك كنت مؤمنا حقا فالمؤمن غر كريم لأن خلق الإيمان يعطى المعاملة بالظاهر والمنافق خب لئيم أي على نفسه حيث لم يسلك بها طريق نجاتها وسعادتها (د) في الأدب (ت) في البر (ك) في الإيمان من حديث الحجاج بن قرافصة (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم: الحجاج عابد لا بأس به انتهى. وقال المنذري: لم يضعفه أبو داود ورواته ثقات سوى بشر بن رافع وقد وثق وقال ابن الجوزي: فيه بشر بن رافع قال ابن حبان: روى أشياء موضوعة كأنه يتعمدها لكن روي من طرق آخر لا بأس بها اه‍ وحكم القزوبني بوضعه ورد عليه ابن حجر وقال: هو لا ينزل عن درجة الحسن وأطال.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست