فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣٢٨
فإن شهدت في أخيك خيرا فهو لك وإن شهدت غيره فهو لك وكل إنسان مشهده عائد عليه ومن ثم قالوا: من مشهدك يأتيك روح مددك (والمؤمن أخو المؤمن) أي بينه وبينه أخوه ثابتة بسبب الإيمان * (إنما المؤمنون إخوة) * (يكف عليه ضيعته) أي يجمع عليه معيشته ويضمها له وضيعة الرجل ما منه معاشه (ويحوطه من ورائه) أي يحفظه ويصونه ويذب عنه ويدفع عنه من يغتابه أو يلحق به ضررا ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك قال بعض العارفين: كن رداءا وقميصا لأخيك المؤمن وحطه من ورائه واحفظه في نفسه وعرضه وأهله فإنك أخوه بالنص القرآني فاجعله مرآة ترى فيها نفسك فكما يزبل عنك كل أذى تكشفه لك المرآة فأزل عنه كل أذى به عن نفسه (خد د) في الأدب (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي: إسناده حسن.
9143 - (المؤمن للمؤمن) اللام فيه للجنس والمراد بعض المؤمنين لبعض (كالبنيان) أي الحائط لا يتقوى في أمر دينه ودنياه إبمعرفة أخيه كما أن بعض البنيان يقوى ببعضه (يشد بعضه بعضا) بيان لوجه التشبيه وبعضا منصوب بنزع الخافض أو مفعول يشد وتتمته كما في البخاري ثم شبك بين أصابعه أي يشد بعضهم بعضا مثل هذا الشد فوقع التشبيك تشبيها لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي فإذا والاه قوي بما بباطنه ويعاتبه ذكره الحرالي، وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه.
(تنبيه) قال الراغب: إنه لما صعب على كل أحد أن يحصل لنفسه أدنى ما يحتاج إليه إلا بمعاونة عدة له فلقمة طعام لو عددنا تعب تحصيلها من زرع وطحن وخبز وصناع آلاتها لصعب حصره فلذلك قيل الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه التفرد عن الجماعة بعيشه بل يفتقر بعضهم لبعض في مصالح الدارين وعلى ذلك نبه بهذا الحديث (ق) في الأدب (ت ن) كلهم (عن أبي موسى) الأشعري.
9144 - (المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) يعني المؤمن من حقه أن يكون موصوفا بذلك (والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) قالوا: وذا من جوامع الكلم (فائدة) خرج الحكيم الترمذي عن أبي سعيد مرفوعا: المؤمن في الدنيا على ثلاثة أجزاء * (الذين آمنوا بالله ورسوله لم يرتابوا) * [الحجرات: 15] والذي يأمنه الناس على أنفسهم وأموالهم والذي إذا أشرف على طمع تركه قال:
فالجزء الأول هم الظالمون لأنفسهم ضيعوا العبودية واستوفوا الرزق واكتالوا النعم بالمكيال الأوفى وكالوا الطاعات بكيل الخسر فهم من المطففين والثاني هو المقتصد المقتفي والثالث تركوا الهوى وشهوة النفس فهم المقربون (ه عن فضالة بن عبيد) ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه فرمز المصنف لحسنه.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست