فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣١٩
انتهاء حرصهما وإن ذهب إلى الفرع يكون تشبيها، جعل أفراد المنهوم ثلاثة أحدها المعروف وهو المنهوم من الجوع والآخرين من العلم والدنيا وجعلهما أبلغ من المتعارف، ولعمري إنه كذلك وإن كان المحمود منهما هو العلم ومن ثم أمر الله رسوله بقوله * (وقل رب زدني علما) * ويعضده قول ابن مسعود عقبه لا يستويان أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان وأما صاحب العلم فيزداد من رضا الرحمن، وقال الراغب: النهم بالعلم استعارة وهو أن يحمل على نفسه ما يقصر قواها عنه فينبت والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى اه‍. وهذا التقرير أقوى من قول الماوردي: في الحديث تنبيه على أن العلم يقتضي ما بقي منه ويستدعي ما تأخر عنه، وليس للراغب فيه قناعة ببعضه، قال حجة الإسلام: اجتمع في الإنسان أربعة أوصاف سبعية وبهيمية وشيطانية وربانية فهو من حيث سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع من التهجم على الناس بنحو ضرب وشتم والبغضاء وغير ذلك ومن حيث سلط عليه الشهوة يتعاطى أفعال البهائم كشره وحرص وشبق ومن حيث إنه في نفسه أمر رباني كما قال تعالى * (قل الروح من أمر ربي) * يدعي لنفسه الربوبية ويحب الاستيلاء والاستعلاء والتخصص والاستبداد بالأمور والتعوذ بالربانية والانسلال عن رتبة العبودية ويشتهي الاطلاع على العلوم كلها ويدعي لنفسه العلم والمعرفة والإحاطة بحقائق الأمور ويفرح إذا نسب إلى العلم وهو حريص على ذلك لا يشبع منه (عد) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك، ظاهر صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بالرد فقال: محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف كان يسرق الحديث فيحدث بأشياء منكرة اه‍. ومن ثم قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.
9117 - (موالينا منا) في الاستنان بسنتنا والاحترام والإكرام لاتصالهم بنا فليس المراد أنه يحرم عليهم أخذ الزكاة كما قيل (طس عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه مسلم بن سالم ويقال ابن مسلمة بن سالم ضعفه أبو داود [ص 246] وغيره ووثقه ابن حبان وهذا حديث رواه أيضا ابن قانع في معجمه من حديث إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده بلفظ " مولانا منا وابن أخينا منا وحليفنا منا ".
9118 - (موت الغريب) وفي رواية موت الغربة (شهادة) أي في حكم الآخرة زاد في الفردوس وإنه إذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه ويساره فلم ير إلا غريبا وذكر أهله وولده فيتنفس فله بكل نفس يتنفسه يمحو الله عنه ألفي ألف سيئة ويكتب له ألفي ألف حسنة اه‍ قال البغدادي: وهذا فيمن تغرب لقربة أو مباح كتجارة فمات غريبا متوحشا عن مؤانس متحسرا في وحدته مستسلما في نفسه مسلما إلى ربه فيما ينزل به فهو شهيد لصعوبة ما حل به. - (ه) وكذا القضاعي (عن ابن عباس) وفيه الهذيل بن الحكم قال في الميزان: قال ابن حبان والبخاري: منكر الحديث جدا قال: ومن مناكيره هذا الحديث وقال ابن حجر: حديث ضعيف لأنه يعني ابن ماجة أخرجه من طريق الهذيل بن الحكم عن ابن أبي رواد عن
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست