فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣٢٩
9145 - (المؤمن يموت بعرق الجبين) أي عرق جبينه حال موته علامة إيمانه، لأنه إذا جاءته البشرى مع قبيح ما جاء به خجل واستحيى فعرق جبينه لأن أسافله ماتت وقوة الحياة فيما علا والحياء في العينين وذلك وقت البشرى وانكشاف الغطاء والكافر في عمى عن ذلك وقال ابن العربي: معناه أن المؤمن الذي يهون عليه الموت لا يجد من شدته إلا بقدر ما يفيض جبينه ويتفصد اه‍ ويؤيد الأول ما أخرج الحكيم عن سلمان أنه قال عند موته سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أرقب الميت عند موته ثلاثا فإن رشح جبينه وذرفت عيناه فهو رحمة نزلت به وإن غط غطيط البكر المخنوق وخمد لونه وأزبد شدقه فهو عذاب (حم ت ن ه ك عن بريدة) رمز لحسنه قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح واعترضه الصدر المناوي بأن قتادة رواه عن عبد الله بن بريدة ولا يعرف له سماعا منه كما قاله الترمذي.
9146 - (المؤمن يألف) لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه وفي رواية ألف مألوف والألف اللازم للشئ فالمؤمن يألف الخير وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان قال الطيبي: وقوله المؤمن ألف يحتمل كونه مصدرا على سبيل المبالغة كرجل عدل أو اسم كان أي يكون مكان الألفة ومنتهاها ومنه إنشاؤها وإليه مرجعها (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) لضعف إيمانه وعسر أخلاقه وسوء طباعه والألفة سبب للاعتصام بالله وبحبله وبه يحصل الإجماع بين المسلمين وبضده تحصل النفرة بينهم وإنما تحصل الألفة بتوفيق إلهي لقوله سبحانه * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * إلى قوله * (فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) * ومن التآلف ترك المداعاة والاعتذار عند توهم شئ في النفس وترك الجدال والمراء وكثرة المزاح (حم عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اه‍ ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي صخر عن أبي حازم عن أبي هريرة باللفظ المزبور وقال: على شرطهما ولم أعلم له علة اه‍ وتعقبه الذهبي بأنه معلول وعلته انقطاعه فإن أبا حازم هذا هو المديني لا الأشجعي ولم يلق أبا صخر الأشجعي ولا المديني لقي أبا هريرة.
9147 - (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) قال الماوردي: بين به أن الإنسان لا يصلح حاله إلا الألفة الجامعة فإنه مقصود بالأذية محسود بالنعمة فإذا لم يكن ألفا مألوفا تختطفه أيدي حاسديه وتحكم فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة ولم تصف له مدة وإذا كان ألفا مألوفا انتصر بالألف على أعاديه وامتنع بهم من حساده فسلمت نعمته منهم وصفت
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست