فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٣
العبد ليجازى غدا جزاء الصابرين * (إن رحمة الله قريب من المحسنين) *. - (ق عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس رواه عنه النسائي في التفسير.
7593 - (ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا بد من معاشرته) من نحو زوجة وأمة وأهل وفرع وخادم وصديق ورفيق وجار وأجير ومعامل وخليط وشريك وصهر وقريب ونحو ذلك (حتى) أي إلى أن (يجعل الله له من ذلك مخرجا) يشير إلى أن التباين في الناس غالب واختلافهم في الشيم ظاهر ومن رام عيالا أو إخوانا تتفق أحوالهم جميعهم فقد رام أمرا متعذرا بل لو اتفقوا لربما وقع بينهم خلل في نظامه إذ ليس واحد من هؤلاء يمكن الاستعانة به في كل الأحوال ولا المجبولون على الخلق الواحد يمكن أن يتصرفوا في جميع الأعمال وإنما بالاختلاف يكون الائتلاف والإخوان ثلاث طبقات طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه وطبقة كالدواء يحتاج إليه أحيانا وطبقة كالداء لا يحتاج إليه أبدا وفي الحديث أعظم حث على المداراة وحسن الصحبة وقد تطابقت على ذلك الملل والنحل وتواصوا به حتى من أنكروا [ص 364] المعاد وحشر الأجساد قال الأصمعي: لما حضرت جدي الوفاة جمع بنيه فقال: عاشروا معاشرة إن عشتم حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكم، أوحى الله إلى داود ما لي أراك خاليا قال: هجرت الناس فيك يا رب قال: ألا أدلك على ما تستثني به وجوه الناس إليك وتبلغ به رضاي؟ خالق الناس بأخلاقهم واحتجر الإيمان بيني وبينك، وفي العوارف لا يستدل على قوة العقل والحلم بمثل حسن المداراة. - (هب) وكذا الحاكم وعنه ومن طريقه خرجه البيهقي مصرحا فلو عزاه للأصل كان أحق (عن أبي فاطمة الإيادي) بكسر الهمزة وفتح المثناة تحت ودال مهملة نسبة إلى إياد نزار بن معد بن عدنان ثم قال الحاكم: لم نكتبه عنه إلا بهذا الإسناد وإنما نعرفه عن محمد بن الحنفية من قول الحاتم اه‍. وقال ابن حجر: المعروف موقوف وقال العلائي: هذا إنما هو من كلام ابن الحنفية.
7594 - (ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة ولا تكونوا كلا) أي عيالا وثقلا (على الناس) لأنه سبحانه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقوقه الموصلة إلى الدار الآخرة لا للتلذذ والتمتع فهو وسيلة إلى الخير والشر فأربح الناس من جعله وسيلة إلى الدار الآخرة وأخسرهم من توسل به إلى هواه ونيل مناه والدنيا على الحقيقة لا تذم وإنما يتوجه الذم إلى فعل العبد فيها وهي قنطرة ومعبرة إلى الجنة أو النار ولكن لما غلبت عليها الحظوظ والغفلة والإعراض عن الله والذم للآخرة وصار ذلك هو الغالب على أهلها ذمت عند الإطلاق وإلا فهي مزرعة الآخرة ومنها زاد الجنة ولهذا قال بعض السلف: المال سلاح المؤمن وقال سفيان: وكانت له
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست