جائز بل محمود بل قد يندب بل قد يجب لكن في اشتراط قصد التورية خلف وليس المراد نفي ذات الكذب بل نفي إنمه فالكذب كذب وإن قيل لإصلاح أو غيره كذا قرره جمع وقال البيضاوي: قوله ينمي خيرا أي يبلغ خير ما يسمعه وبدع شره يقال نميته الحديث مخففا في الإصلاح ونميته مثقلا في الإفساد والأول من النماء لأنه رفع لما يبلغه والثاني من النميمة وإنما نفى عن المصلح كونه كذابا باعتبار قصده وهذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلبا للسلامة ودفعا للضرر ورخص في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح والكذب في الإصلاح بين اثنين أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيرا ويبلغه جميلا وإن لم يكن سمعه منه بقصد الإصلاح والكذب في الحرب أن يظهر في نفسه قوة ويتحدث بما يقوى به أصحابه ويكيد عدوه، والكذب للزوجة أن يعدها ويمنيها ويظهر لها أكثر مما في نفسه ليستديم صحبتها ويصلح به خلقها قال النووي: وقد ضبط العلماء ما يباح من الكذب وأحسن ما رأيته في ضبطه قول الغزالي: الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذاب فيه حرام لعدم الحاجة وإن أمكن التوصل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذب فيه مباح لمباح وواجب لواجب وفي الحديث دليل الصوفية على ما يفعلونه من المكر بنفوسهم فيعدونها بشهوتها كي تبلغهم ما يريدون من الطاعة فإذا فعلت وعدوها بمواعد آخر ثم هكذا فالوعد للنفس بمرغوبها كالوعد للزوجة بذلك. [ص 360] - (حم ق د ت عن أم كلثوم بنت عقبة) بن أبي معيط (طب عن شداد بن أوس) الخزرجي.
7582 - (ليس المؤمن) الكامل الإيمان (الذي لا يأمن جاره بوائقه) أي دواهيه جمع بائقة وهي الداهية أو الأمر المهلك وفي حديث الطبراني أن رجلا شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من جاره فقال له: أخرج متاعك في الطريق ففعل فصار كل من يمر عليه يقول: ما لك فيقول: جاري يؤذيني فيلعنه فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا لقيت من فلان أخرج متاعه فجعل الناس يلعنوني ويسبوني فقال: إن الله لعنك قبل أن يلعنك الناس. - (طب) وكذا في الأوسط (عن طلق بن علي) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: فيه أيوب بن عتبة ضعفه الجمهور وهو صدوق كثير الخطأ.
7583 - (ليس المؤمن) التعريف للجنس أي ليس المؤمن الذي عرفته أنه مؤمن كامل الإيمان (بالذي يشبع) لفظ رواية الحاكم بالذي يبيت شبعانا (وجاره) أي والحال أن جاره (جائع إلى جنبه) لإخلاله بما توجه عليه في الشريعة من حق الجوار وتهاونه في فضيلة الإطعام التي هي من شرائع الإسلام سيما عند حاجته وخصاصته وألصق الجوار جوار الزوجة والخادم والقريب وقد كان للمصطفى صلى الله عليه وسلم كما في مسلم جار فارسي طيب المرق فصنع طعاما ودعاه فقال: أنا وهذه يعني عائشة فلم يأذن لها فامتنع المصطفى صلى الله عليه وسلم من إجابته لما كان بها من الجوع فلم يستأثر عليها بالأكل وهذا قضية مكارم الأخلاق سيما مع أهل بيت الرجل ولذلك قيل: وشبع الفتى لؤم إذا جاع جاره. (خد طب ك) في