فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٣٢١
حرف اللام 7192 - (لله) اللام للابتداء والجلالة مبتدأ خبره (أشد فرحا) أي رضى (بتوبة عبده) فإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه وبسط رحمته ومزيد إقباله على عبده وإكرامه له (من أحدكم إذا سقط على بعيره) أي صادفه وعثر عليه بلا قصد فظفر به ومنه قولهم على الخبير سقطت (قد أضله) أي ذهب منه أو نسي محله (بأرض فلاة) أي مفازة والمراد أن التوبة تقع من الله في القبول والرضى موقعا يقع في مثله ما يوجب فرط الفرح ممن يتصور في حقه ذلك فعبر بالرضى عن الفرح تأكيدا للمعنى في ذهن السامع ومبالغة في تقديره وحقيقة الفرح لغة انشراح الصدر بلذة عاجلة وهو محال في حقه تقدس. قال ابن عربي: لما حجب العالم بالأكوان واشتغلوا بغير الله عن الله فصاروا بهذا الفعل في حال غيبة عنه تقدس فلما وردوا عليه بنوع من أنواع الحضور أرسل إليهم في قلوبهم من لذة نعيم محاضرته ومناجاته ومشاهدته ما يتحبب بها قلوبهم فكنى بالفرح عن إظهار هذا الفعل لأنه إظهار سرور بقدومه عليه. - (ق) في التوبة وغيرها (عن أنس) بن مالك.
7193 - (لله أفرح) أي لله أرضى وأقبل كقوله تعالى * (كل حزب بما لديهم فرحن) * أي راضون (بتوبة عبده من العقيم الوالد) أي من المرأة التي لا تلد إذا ولدت (ومن الضال الواجد) أي الذي ضل راحلته ثم وجدها ومن (الظمآن الوارد) أي ومن العطشان إلى ورود الماء لأنه سبحانه يحب من عباده أن يطيعوه ويكره أن يعصوه ويفرح بتوبة عبده مع غناه المطلق عن طاعته وأن نفعها إنما يعود إليه لكن هذا من كمال رأفته بهم وحبه لنفعهم فهو يبسط رحمته على عباده ويكرمهم بالإقبال عليهم ويكره ذهابهم عنه وإعراضهم مع غناه. قال الحكيم: ما دام العبد مقبلا على الله فهو مقبل عليه ولا يعلم ما في هذا الإقبال إلا أهله فإذا أعرض العبد معتزا بخدائع نفسه وآمالها وأكاذيبها فأقبل على النفس وقبل منها ما تأتي به فقد أعرض عن الله وأعرض الله عنه وعذب قلبه فإذا تاب إلى الله ونزع أدركه من الله الغوث وفرح بها وفتح باب الرحمة عليه فوجد القلب خالصا وعاد العون والمدد فلم يزل العبد يترقى درجة وانتعش بعد النكس وحيي بعد الموت. - (ابن عساكر في أماليه) الحديثية (عن أبي هريرة).
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست