فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٨
ذلك كله) قال الحكيم: معناه أنه لو أعطي الدنيا ثم أعطي على إثرها هذه الكلمة حتى نطق بها لكانت هذه الكلمة أفضل من الدنيا كلها لأن الدنيا فانية والكلمة باقية. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الحكيم وغيره.
7399 - (لو أن العباد لم يذنبوا لخلق الله خلقا يذنبون ثم يغفر لهم وهو الغفور الرحيم) لأن ما سبق في علمه كائن لا محالة وقد سبق في علمه أنه يغفر للعصاة فلو فرض عدم وجود عاص خلق من يعصيه فيغفر له وليس هذا تحريضا للناس على الذنوب بل تسلية للصحابة وإزالة الخوف من صدورهم لغلبة الخوف عليهم حتى فر بعضهم إلى رؤوس الجبال للتعبد [ص 305] وبعضهم اعتزل الناس ذكره القاضي. وقال التوربشتي: لم يرد بهذا الحديث مورد تسلية المنهمكين في الذنوب وقلة احتفال منهم بمواقعتها على ما يتوهم أهل العزة بل مورده البيان لعفو الله عن المذنبين وحسن التجاوز عنهم ليعظموا الرغبة في التوبة والاستغفار والمعنى المراد من الحديث أنه تعالى كما أحب أن يحسن إلى المحسن أحب أن يتجاوز عن المسئ وقد دل عليه غير واحد من أسمائه - كالغفار الحليم التواب العفو - لم يكن ليجعل للعباد بابا واحدا كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب بل خلق فيهم طينة ميالة إلى الهوى مفتتنا بما يقتضيه ثم كلفه التوقي عنه وحذره عن مداراته وعرفه التوبة بعد الابتلاء فإن وفى فأجره على الله وإن أخطأ الطريق فالتوبة بين يديه وأراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء بقوم يأتي منهم الذنب فيتجلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة فإن الغفار يستدعي مغفورا كما أن الرزاق يستدعي مرزوقا وقال الطيبي: في الحديث رد لمن ينكر صدور الذنب عن العباد ويعده نقصا فيهم مطلقا وأنه تعالى لم يرد من العباد صدوره كالمعتزلة فنظروا إلى ظاهره وأنه مفسدة صرفة ولم يقفوا على سره أنه مستجلب للتوبة والاستغفار الذي هو موقع محبة الله عز ذكره * (إن الله يحب التوابين) * وفي الحديث " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار " وفيه " لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن " وسره إظهار صفة الكرم والحلم والغفران ولو لم يوجد لا نثلم طرف من صفات الألوهية والإنسان إنما هو خليفة الله في أرضه يتجلى له بصفات الجلال والإكرام والقهر واللطف قال السبكي: وفيه أن النطق بلولا يكره على الإطلاق بل في شئ مخصوص وعليه ورد خبر " إياك واللو " وذلك أنه من فاته أمر دنيوي فلا يشغل نفسه بالتلهف عليه لما فيه من الاعتراض على المقادير. - (ك عن ابن عمرو) بن العاص.
7400 - (لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته) أي صببته (على صخرة لأخرج الله منها ولدا وليخلقن الله تعالى نفسا هو خالقها) قاله حين سئل عن العزل وأشار بذلك إلى أن الأولى ترك العزل لأنه
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست