فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٩٢
من غير سارة وهاجر دخلوا لا محالة ثم المراد المسلمون منهم بل المتقون (إنك حميد) فعيل من الحمد بمعنى محمود وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها أو بمعنى حامد أي يحمد أفعال عباده (مجيد) من المجد وهو صفة من كمل في الشرف وهو مستلزم للعظمة والجلال كما أن الحمد يدل على صفة الإكرام ومناسبة ختم هذا الدعاء بهذين الاسمين أن المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وذلك يستلزم طلب الحمد والمجد (اللهم بارك على محمد) أي أثبت له دوام ما أعطيته من التشريف والكرامة من برك البعير إذا ناخ بمحل ولزمه ويطلق البرك على الزيادة والأصل الأول كذا في النهاية (وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) قال الطيبي: التشبيه ليس من إلحاق الناقص بالكامل بل من إلحاق ما لا يعرف بما يعرف والأتقياء والأصفياء من الأمة موازية للأنبياء من بني إسرائيل فمعناه كما سبقت منك الصلاة على إبراهيم نسألك الصلاة على محمد بالأولى وقال: في موقع التشبيه أقاويل أفردت بالتأليف ومن أحسنها قول صاحب القاموس عن بعض أهل الكشف إن التشبيه لغير اللفظ المشبه به لا لعينه وذلك أن المراد باللهم صل على محمد اجعل من أتباعه من يبلغ النهاية في أمر الدين كالعلماء بشرعه بتقريرهم أمر الشريعة كما صليت على إبراهيم بأن جعلت في أتباعه أنبياء يقررون الشريعة والمراد بقوله على آل محمد اجعل من أتباعه محدثين يخبرون بالمغيبات كما صليت على آل إبراهيم بأن جعلت منهم أنبياء يخبرون بالغيب فالمطلوب حصول صفات الأنبياء لآل محمد وهم أتباعه في الدين كما كانت حاصلة بسؤال إبراهيم (إنك حميد) أي محمود (مجيد) أي ماجد وهو من كمل شرفا وكرما وقال الطيبي: هذا تذييل للكلام السابق وتقرير له على العموم أي إنك حميد فاعل لما تستوجب به الحمد من النعم المتكاثرة والآلاء المتعاقبة المتوالية مجيد كريم كثير الإحسان إلى عبادك الصالحين انتهى. وفيه مشروعية الصلاة والسلام على من ذكر فيه والصلاة على محمد في التشهد الأول وعلى غيره في الأخير سنة أما الصلاة على محمد في الأخير فواجبة للأمر بالصلاة عليه في الكتاب والسنة قالوا: وقد أجمع العلماء على أنها لا تجب في غير الصلاة فتعين وجوبها فيها. (حم ق د ن ه عن كعب بن عجرة) قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي؟ فذكره.
6163 - (قولوا خيرا تغنموا) بقول الخير إذا نوى به نشر الخير وتعليمه والاشتغال به عن الشر فيغنم بنيته وكذا السكوت عن الشر بنية الصيانة عنه وأن لا ينشره ولا يبدأ به ولا يوافق أهله ففي خبر إن الكف عن الشر صدقة قال بعض السلف: كنا نتعلم السكوت كما تتعلمون الكلام (واسكتوا عن شر تسلموا) كما سبق تقريره في حرف الراء بما يغني عن إعادته. (القضاعي) في مسند الشهاب (عن عبادة بن الصامت) ظاهر كلام المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبراني خرجه باللفظ المذكور قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عمرو بن مالك الخشني وهو ثقة انتهى وممن خرجه أيضا الديلمي.
(٦٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 687 688 689 690 691 692 693 694 695 696 697 ... » »»
الفهرست