وهذا من بدائع جوامع الكلم فقد جمعتا جميع معاني الإيمان والإسلام اعتقادا وقولا وعملا إذ الإسلام توحيد وهو حاصل بالجملة الأولى والطاعة بسائر أنواعها في ضمن الثانية إذ الاستقامة امتثال كل مأمور وتجنب كل منهي وعرفها بعضهم بأنها المتابعة للسنن المحمدية مع التخلق بالأخلاق المرضية وبعضهم بأنها الاتباع مع ترك الابتداع وقيل حمل النفس على أخلاق الكتاب والسنة قال القشيري: وهي درجة بها كمال الأمور وتمامها وبوجودها حصول الخيرات ونظامها وقال بعضهم: لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات. (حم م ت ن ه عن سفيان) بتثليث أوله (ابن عبد الله الثقفي) الطائفي له صحبة استعمله عمر على الطائف قال:
قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه غيرك فذكره ولم يخرجه البخاري قال النووي: لم يرو مسلم لسفيان غير هذا الحديث وقال المناوي: ولم أر لسفيان هذا غير هذا الحديث في مسلم ولا في الأربعة اه. وهذا ذهول فقد رواه الترمذي عنه وزاد فيه قلت يا رسول الله ما أخوف ما أتخوف علي؟ قال هذا وأخذ بلسانه.
6144 - (قل) يا علي (اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم) قال القاضي: أمره بأن يسأل الله الهداية والسداد، وأن يكون في ذلك مخطرا بباله أن المطلوب هداية كهداية من ركب متن الطريق وأخذ في المنهج المستقيم، وسدادا كسداد السهم نحو الغرض، والمعنى أن يكون في سؤاله طالبا غاية الهدى ونهاية السداد اه. وقال بعضهم: معناه إذا سألت الهدى فأخطر بقلبك هداية الطريق لأن سالك الفلاة يلزم الجادة ولا يفارقها خوفا من الضلال، وكذا الرامي إذا رمى شيئا سدد السهم نحوه ليصيبه فأخطر ذلك بقلبك ليكون ما تنويه من الدعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي، وقال القونوي: اشترط في هذا الحديث صحة الاستحضار للأمر المطلوب من الحق حال الطلب، وذلك لأن الإجابة تابعة للتصور فالأصح تصورا للحق تكون أدعيته مجابة وصحة التصور تابعة للعلم المحقق والشهود الصحيح، ولهذا قال في الحديث الآتي: لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال، ألا ترى أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما كان تام الشهود كانت أكثر أدعيته مستجابة وهكذا من داناه في المعرفة من الأنبياء والأولياء، وهؤلاء هم الموعودون بالإجابة متى دعوا بالدعاء المشار إليه بقوله تعالى * (ادعوني أستجب لكم) * فمن لم يعرف ولم يستحضر حال الدعاء بضرب ما من ضروب الاستحضارات الصحيحة لم يدع الحق فلم يستجب له. قال الراغب: والتسديد أن تقوم إرادته وحركته نحو الغرض المطلوب ليهجم إليه في أسرع مدة يمكن الوصول فيها إليه وهو المسؤول بقوله * (اهدنا الصراط المستقيم) * - (م د ن عن علي) أمير المؤمنين ورواه الطبراني عن أبي موسى قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم على نصف اليمن ومعاذا على نصفه فأتيته أسلم فقال لي قل إلخ.